الباحث القرآني

ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: ”فَدَخَلُوها“؛ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿وقالُوا﴾؛ أيْ: جَمِيعُ الدّاخِلِينَ؛ ﴿الحَمْدُ﴾؛ أيْ: الإحاطَةُ بِأوْصافِ الكَمالِ؛ وعَدَلُوا إلى الِاسْمِ الأعْظَمِ؛ حَثًّا لِأنْفُسِهِمْ عَلى اسْتِحْضارِ جَمِيعِ ما تُمْكِنُهم مَعْرِفَتُهُ مِنَ الصِّفاتِ؛ فَقالُوا: ﴿لِلَّهِ﴾؛ أيْ: المَلِكِ الأعْظَمِ؛ ﴿الَّذِي صَدَقَنا وعْدَهُ﴾؛ في قَوْلِهِ: ﴿تِلْكَ الجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا﴾ [مريم: ٦٣] فَطابَقَ قَوْلُهُ الواقِعَ (p-٥٧٠)الَّذِي وجَدْناهُ في هَذِهِ السّاعَةِ؛ ﴿وأوْرَثَنا﴾؛ كَما وعَدَنا؛ ﴿الأرْضَ﴾؛ الَّتِي لا أرْضَ في الحَقِيقَةِ غَيْرُها؛ وهي أرْضُ الجَنَّةِ؛ الَّتِي لا كَدَرَ فِيها بِوَجْهٍ؛ وفِيها كُلُّ ما تَشْتَهِي الأنْفُسُ؛ وتَلَذُّ الأعْيُنُ؛ بِأنْ جَعَلَ حالَنا فِيها في تَمامِ المِلْكِ؛ وعَدَمِ التَّسَبُّبِ في الحَقِيقَةِ فِيهِ؛ حالَ الوارِثِ الَّذِي هو بَعْدَ مَوْرُوثِهِ؛ ولا شَيْءَ بَعْدَهُ؛ ولا مُنازِعَ لَهُ؛ حالَ كَوْنِنا ﴿نَتَبَوَّأُ﴾؛ أيْ: نَتَّخِذُ مَنازِلَ؛ هي أهْلٌ لِمَن خَرَجَ مِنها أنْ يَشْتَهِيَ العَوْدَ إلَيْها؛ وبَيَّنُوا الأرْضَ بِقَوْلِهِمْ - في مَوْضِعِ الضَّمِيرِ -: ﴿مِنَ الجَنَّةِ﴾؛ أيْ: كُلِّها؛ ﴿حَيْثُ نَشاءُ﴾؛ لِاتِّساعِها؛ فَلا حاجَةَ لِأحَدٍ فِيها أنْ يُنازِعَ أحَدًا في مَكانٍ أصْلًا؛ ولا يَشْتَهِي إلّا مَكانَهُ؛ ولَمّا كانَتْ بِهَذا الوَصْفِ الجَلِيلِ؛ تَسَبَّبَ عَنْهُ مَدْحُها بِقَوْلِهِ: ﴿فَنِعْمَ﴾؛ أجْرُنا؛ هَكَذا كانَ الأصْلُ؛ ولَكِنَّهُ قالَ: ﴿أجْرُ العامِلِينَ﴾؛ تَرْغِيبًا في الأعْمالِ؛ وحَثًّا عَلى عَدَمِ الِاتِّكالِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب