الباحث القرآني

ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: ”فَيُعَذِّبُ الظّالِمِينَ؛ فَلَوْ عَلِمُوا ذَلِكَ لَما ظَنُّوا بِادِّعائِهِمْ لَهُ - سُبْحانَهُ - ولَدًا؛ وشُرَكاءَ يُقَرِّبُونَهم إلَيْهِ زُلْفى مِنهُمْ؛ بِجَلالِهِ؛ ونَزاهَتِهِ عَمّا ادَّعَوْهُ لَهُ؛ وكَمالِهِ“؛ عَطَفَ عَلَيْهِ - تَهْوِيلًا لِلْأمْرِ - قَوْلَهُ: ﴿ولَوْ أنَّ﴾؛ وكانَ الأصْلُ: ”لَهُمْ“؛ ولَكِنَّهُ قالَ - تَعْمِيمًا؛ وتَعْلِيقًا بِالوَصْفِ -: ﴿لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾؛ أيْ: وقَعُوا (p-٥٢٦)فِي الظُّلْمِ؛ في شَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ؛ ولَوْ قَلَّ؛ ﴿ما في الأرْضِ﴾؛ ولَمّا كانَ الأمْرُ عَظِيمًا؛ أكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿جَمِيعًا﴾؛ وزادَ في تَعْظِيمِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿ومِثْلَهُ﴾؛ وقالَ: ﴿مَعَهُ﴾؛ لِيُفْهِمَ بَدَلَ الكُلِّ جُمْلَةً؛ لا عَلى سَبِيلِ التَّقْطِيعِ؛ ﴿لافْتَدَوْا﴾؛ أيْ: لاجْتَهَدُوا في طَلَبِ أنْ يُفْدُوا؛ ﴿بِهِ﴾؛ أنْفُسَهُمْ؛ ﴿مِن سُوءِ العَذابِ﴾؛ وبَيَّنَ الوَقْتَ؛ تَعْظِيمًا لَهُ؛ وزِيادَةً في هَوْلِهِ؛ فَقالَ: ﴿يَوْمَ القِيامَةِ﴾؛ رَوى الشَّيْخانِ؛ عَنْ أنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «”يَقُولُ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - لِأهْوَنِ أهْلِ النّارِ عَذابًا: (لَوْ أنَّ لَكَ ما عَلى الأرْضِ مِن شَيْءٍ؛ أكُنْتَ مُفْتَدِيًا بِهِ؟)؛ فَيَقُولُ: نَعَمْ؛ فَيَقُولُ: (قَدْ أرَدْتُ مِنكَ أهْوَنَ مِن هَذا؛ وأنْتَ في صُلْبِ آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ -؛ ألّا تُشْرِكَ بِي شَيْئًا؛ فَأبَيْتَ إلّا أنْ تُشْرِكَ بِي)“». قَوْلُهُ: ”أرَدْتُ“؛ أيْ: فَعَلْتُ مَعَكَ بِالأمْرِ فِعْلَ المُرِيدِ؛ وهو مَعْنى قَوْلِهِ في رِوايَةٍ: (قَدْ سَألْتُكَ). ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: ”ولَوْ كانَ لَهم ذَلِكَ؛ وافْتَدَوْا بِهِ؛ ما قُبِلَ مِنهُمْ؛ ولا نَفَعَهُمْ؛ ولِأنَّ ذَلِكَ الوَقْتَ وقْتُ الجَزاءِ؛ لا وقْتُ العَمَلِ؛ واليَوْمَ وقْتُ العَمَلِ؛ لا وقْتُ الجَزاءِ؛ فَلَوْ أنْفَقُوا فِيهِ أيْسَرَ شَيْءٍ عَلى وجْهِهِ قُبِلَ مِنهُمْ“؛ عَطَفَ عَلَيْهِ مِن أصْلِهِ؛ لا عَلى جَزائِهِ؛ قَوْلَهُ - مُعَظِّمًا الأمْرَ بِصَرْفِ القَوْلِ إلى الِاسْمِ الأعْظَمِ -: ﴿وبَدا﴾؛ أيْ: ظَهَرَ ظُهُورًا تامًّا؛ ﴿لَهُمْ﴾؛ في ذَلِكَ اليَوْمِ؛ ﴿مِنَ اللَّهِ﴾؛ أيْ: المَلِكِ الأعْظَمِ؛ وهَوَّلَ أمْرَهُ بِإبْهامِهِ؛ لِيَكُونَ ضِدَّ: ﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهم مِن قُرَّةِ أعْيُنٍ﴾ [السجدة: ١٧] فَقالَ: ﴿ما لَمْ يَكُونُوا﴾؛ بِحَسَبِ (p-٥٢٧)جِبِلّاتِهِمْ؛ وما فُطِرُوا عَلَيْهِ مِنَ الإهْمالِ؛ والتَّهاوُنِ؛ ﴿يَحْتَسِبُونَ﴾؛ أيْ: لَمْ يَكُنْ في طَبائِعِهِمْ أنْ يَتَعَمَّدُوا أنْ يَحْسَبُوهُ؛ وتُجَوِّزَهُ عُقُولُهم مِنَ العَذابِ؛ وما كانَ كَذَلِكَ كانَ أشَقَّ عَلى النَّفْسِ؛ وأرْوَعَ لِلْقَلْبِ؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب