الباحث القرآني
ولَمّا كانَ الشِّفاءُ الكامِلُ إنَّما يَكُونُ بِأخْذِ الثَّأْرِ؛ وإذْلالِ الظّالِمِ؛ قالَ - مُشِيرًا بِأداةِ التَّراخِي إلى مُدَّةِ البَرْزَخِ؛ مُؤَكِّدًا لِأجْلِ إنْكارِهِمُ البَعْثَ؛ فَضْلًا عَنِ القَصاصِ؛ صادِعًا لَهم بِالخِطابِ بَعْدَ الغَيْبَةِ -: ﴿ثُمَّ إنَّكُمْ﴾؛ أيْ: أيُّها العِبادُ؛ كُلَّكُمْ؛ فَإنَّ كُلَّ أحَدٍ مَسْؤُولٌ عَنْ نَفْسِهِ؛ وعَنْ غَيْرِهِ؛ (p-٥٠١)هَلْ راعى حَقَّ اللَّهِ فِيهِ؛ أوْ أنْتَ وهُمْ؛ مِن بابِ تَغْلِيبِ المُخاطَبِ - وإنْ كانَ واحِدًا؛ لِعَظْمَتِهِ - عَلى الغائِبِينَ؛ وزادَ في إثْباتِ المَعْنى بِقَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ القِيامَةِ﴾؛ فَساقَهُ مَساقَ ما لا خِلافَ فِيهِ؛ وبَيَّنَ أنَّ ذَلِكَ الحالَ مُخالِفٌ لِهَذا الحالِ؛ لِانْقِطاعِ الأسْبابِ؛ بِقَوْلِهِ - صارِفًا القَوْلَ إلى وصْفِ التَّرْبِيَةِ؛ الَّذِي يَحِقُّ لَهُ الفَضْلُ عَلى الطّائِعِ؛ والعَدْلُ في العاصِي -: ﴿عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾؛ أيْ: المُرَبِّي لَكم بِالخَلْقِ؛ والرِّزْقِ؛ فَلا يَجُوزُ في الحِكْمَةِ أنْ يَدَعَكم يَبْغِي بَعْضُكم عَلى بَعْضٍ؛ كَما هو مُشاهَدٌ مِن غَيْرِ حِسابٍ؛ كَما أنَّ أقَلَّكم عَقْلًا لا يَرْضى بِذَلِكَ في عَبِيدِهِ الَّذِينَ مَلَّكَهُ اللَّهُ إيّاهم مِلْكًا ضَعِيفًا؛ أوْ ولّاهُ عَلَيْهِمْ وِلايَةً مُزَلْزَلَةً؛ فَكَيْفَ بِمَن فَوْقَهُ؟! فَكَيْفَ بِالحُكَماءِ؟! ﴿تَخْتَصِمُونَ﴾؛ أيْ: تُبالِغُونَ في الخُصُومَةِ؛ لِيَأْخُذَ بِيَدِ المَظْلُومِ؛ ويَنْتَقِمَ لَهُ مِنَ الظّالِمِ؛ ويُجازِيَ كُلًّا بِما عَمِلَ؛ أمّا في الشَّرِّ فَسُوءًا بِسُوءٍ؛ لا يُظْلَمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ؛ ولا ما دُونَهُ؛ وأمّا في الخَيْرِ فالحَسَنَةُ بِعَشَرَةِ أمْثالِها؛ إلى ما فَوْقَ ذَلِكَ مِمّا لا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ؛ فَلا يَنْبَغِي أبَدًا لِمَظْلُومٍ أنْ يَتَوَهَّمَ دَوامَ نَكَدِهِ؛ وعَدَمَ الأخْذِ بِيَدِهِ؛ فَيَقْتَصِرَ في العَمَلِ؛ ويَجْنَحَ إلى شَيْءٍ مِنَ الخَوْفِ؛ والوَجَلِ؛ بَلْ عَلَيْهِ أنْ يَفْرَحَ بِما يُجْزِلُ ثَوابَهُ؛ ويُسَرَّ بِما يُيَسِّرُ حِسابَهُ؛ ويَشْتَغِلَ بِما يُخَلِّصُ بِهِ نَفْسَهُ في يَوْمِ التَّلاقِ؛ الَّذِي النّاسُ فِيهِ فَرِيقانِ؛ ولا يَشْتَغِلَ بِما لا يَكُونُ (p-٥٠٢)مِن تَصْفِيَةِ دارِ الكَدَرِ عَنِ الأكْدارِ؛ وقَرارَةِ الدَّنَسِ عَنِ الأقْذاءِ والأقْذارِ؛ فَإنَّ الدَّوامَ فِيها مُحالٌ عَلى حالٍ مِنَ الأحْوالِ؛ قالَ القُشَيْرِيُّ: نَعاهُ ﷺ؛ ونَعى المُسْلِمِينَ إلَيْهِمْ؛ فَفَرَغُوا بِأنْفُسِهِمْ عَنْ مَأْتَمِهِمْ؛ ولا تَعْزِيَةَ في العادَةِ بَعْدَ ثَلاثٍ؛ ومَن لَمْ يَتَفَرَّغْ عَنْ مَأْتَمِ نَفْسِهِ؛ وأنْواعِ غُمُومِهِ وهُمُومِهِ؛ فَلَيْسَ لَهُ مِن هَذا الحَدِيثِ شِمَّةٌ؛ وإذا فَرَغَ قَلْبٌ عَنْ حَدِيثِ نَفْسِهِ؛ وعَنِ الكَوْنِ بِجُمْلَتِهِ؛ فَحِينَئِذٍ يَجِدُ الخَيْرَ مِن رَبِّهِ؛ ولَيْسَ هَذا الحَدِيثُ إلّا بَعْدَ فَنائِهِمْ عَنْهُمْ؛ وأنْشَدَ بَعْضُهم - يَعْنِي في لِسانِ الحالِ بِما قَدَّمْنا -:
؎كَتَبْتُ إلَيْكم بَعْدَ مَوْتِي بِلَيْلَةٍ ∗∗∗ ولَمْ أدْرِ أنِّي بَعْدَ مَوْتِي أكْتُبُ
انْتَهى؛ ومِنَ المَعْلُومِ أنَّهم إذا أماتُوا نُفُوسَهم حَيِيَتْ أرْواحُهُمْ؛ فانْفَسَحَتْ صُدُورُهُمْ؛ وانْتَعَشَتْ قُوى قُلُوبِهِمْ؛ فاتَّسَعَتْ عُلُومُهُمْ؛ واسْتَنارَتْ فُهُومُهُمْ؛ وتَجَلَّتْ لَهم حَقائِقُ الأُمُورِ؛ فَحَدَّثُوا عَنْ مُشاهَدَةٍ: «”النّاسُ نِيامٌ؛ فَإذا ماتُوا انْتَبَهُوا“».
{"ayah":"ثُمَّ إِنَّكُمۡ یَوۡمَ ٱلۡقِیَـٰمَةِ عِندَ رَبِّكُمۡ تَخۡتَصِمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











