الباحث القرآني

﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ﴾؛ أيْ: بِجَمِيعِ قُلُوبِهِمْ؛ ﴿القَوْلَ﴾؛ أيْ: هَذا الجِنْسَ مِن كُلِّ قائِلٍ؛ لَيْسُوا جُفاةً عُساةً إذا أقْبَلُوا عَلى (p-٤٨٠)شَيْءٍ أعْرَضُوا عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ؛ ﴿فَيَتَّبِعُونَ﴾؛ أيْ: بِكُلِّ عَزائِمِهِمْ؛ بَعْدَ انْتِقادِهِ؛ ﴿أحْسَنَهُ﴾؛ بِما دَلَّتْهم عَلَيْهِ عُقُولُهُمْ؛ مِن غَيْرِ عُدُولٍ إلى أدْنى هَوًى؛ ويَدْخُلُ في هَذِهِ الآيَةِ دُخُولًا بَيِّنًا حَثُّ أهْلِ الكِتابِ عَلى اتِّباعِ هَذا القُرْآنِ العَظِيمِ؛ فَإنَّ كُتُبَ اللَّهِ كُلَّها حَسَنَةٌ؛ وهَذا القُرْآنُ أحْسَنُها كَلامًا؛ ومَعانِيَ؛ ونِظامًا؛ لا يَشُكُّ في هَذا أحَدٌ لَهُ أدْنى ذَوْقٍ. ولَمّا بَيَّنَ عَمَلَهُمْ؛ أنْتَجَ ذَلِكَ مَدْحَهُمْ؛ فَقالَ - مُظْهِرًا زِيادَةَ المَحَبَّةِ لَهُمْ؛ والِاهْتِمامِ بِشَأْنِهِمْ؛ بِالتَّأْكِيدِ -: ﴿أُولَئِكَ﴾؛ أيْ: العالُو الهِمَّةِ والرُّتْبَةِ خاصَّةً؛ ﴿الَّذِينَ﴾؛ ولَمّا كانَ في هَؤُلاءِ المُجْتَبَيْنَ العالُو الرُّتْبَةِ جِدًّا وغَيْرُهُمْ؛ أبْرَزَ المَفْعُولَ؛ فَقالَ - مُحَوِّلًا الأُسْلُوبَ إلى الِاسْمِ الأعْظَمِ؛ إشارَةً إلى عَظِيمِ هِدايَتِهِمْ -: ﴿هَداهُمُ اللَّهُ﴾؛ بِما لَهُ مِن صِفاتِ الكَمالِ؛ فَبَيَّنَ - سُبْحانَهُ - أنْ لا وُصُولَ إلَيْهِ إلّا بِهِ؛ وهَذا بِخِلافِ آيَةِ ”الأنْعامِ“؛ حَيْثُ ذَكَرَ الأنْبِياءَ - عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ - فَقالَ: ”أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدى اللَّهُ“؛ فَحَذَفَ المَفْعُولَ؛ لِتَصِيرَ هِدايَتُهم مُكَرَّرَةً بِوُجُوبِ تَسْلِيطِ العامِلِ عَلى المَوْصُولِ الَّذِي أعادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرَ في هَذِهِ الآيَةِ؛ وكَرَّرَ الإشارَةَ؛ زِيادَةً في تَعْظِيمِهِمْ؛ فَقالَ: ﴿وأُولَئِكَ هُمْ﴾؛ أيْ: خاصَّةً؛ ﴿أُولُو الألْبابِ﴾؛ أيْ: العُقُولِ الصّافِيَةِ عَنْ شَوْبِ كَدَرٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب