الباحث القرآني
ولَمّا عُلِمَ بِهَذا أنَّهُ البَيِّنُ في نَفْسِهِ؛ المُنادِي - بِما فِيهِ مِنَ القَباحَةِ - بِأنَّهُ لا خُسْرانَ غَيْرُهُ؛ فَصَّلَهُ بِقَوْلِهِ - عَلى طَرِيقِ التَّهَكُّمِ بِهِمْ -: ﴿لَهُمْ﴾؛ فَإنَّ عادَةَ (p-٤٧٧)اللّامِ عِنْدَ مُصاحَبَةِ المَجْرُورِ - ولا سِيَّما الضَّمِيرَ - إفْهامُ المَحْبُوبِ لِلضَّمِيرِ؛ لا سِيَّما مَعَ ذِكْرِ الظُّلَلِ؛ وأشارَ إلى قُرْبِها مِنهُمْ؛ بِإثْباتِ الجارِّ؛ فَقالَ: ﴿مِن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ﴾؛ ولَمّا أوْهَمَهم ذَلِكَ الرّاحَةَ؛ أزالَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿مِنَ النّارِ﴾؛ وذَلِكَ أنَكَأُ مِمّا لَوْ أفْهَمَهُمُ الشَّرَّ مِن أوَّلِ الأمْرِ؛ ولَمّا كانَ في القَرارِ - كائِنًا ما كانَ؛ عَلى أيِّ حالٍ كانَ - نَوْعٌ مِنَ الرّاحَةِ بِالسُّكُونِ؛ بَيَّنَ أنَّهم مُعَلَّقُونَ في غَمَراتِ الِاضْطِرابِ؛ يُصْعِدُهُمُ اللَّهِيبُ تارَةً؛ ويُهْبِطُهُمُ انْعِكاسُهُ عَلَيْهِمْ بِرُجُوعِهِ إلَيْهِمْ أُخْرى؛ فَلا قَرارَ لَهم أصْلًا؛ كَما يَكُونُ الحَبُّ في الماءِ عَلى النّارِ؛ يَغْلِي بِهِ صاعِدًا وسافِلًا؛ لا يَقَرُّ في أسْفَلِ القِدْرِ أصْلًا؛ لِقَوْلِهِ: ﴿ومِن تَحْتِهِمْ﴾؛ ولَمّا كانَ كَوْنُ الظُّلَّةِ - المَأْخُوذَةِ مِنَ الظِّلِّ - مِن تَحْتُ؛ في غايَةِ الغَرابَةِ؛ أعادَها؛ ولَمْ يَكْتَفِ بِالأُولى؛ ولَمْ يُعِدْ ذِكْرَ النّارِ؛ لِفَهْمِها في التَّحْتِ مِن بابِ الأوْلى؛ فَقالَ: ﴿ظُلَلٌ﴾؛ ومِمّا يَدُلُّ عَلى ما فَهِمْتُهُ؛ مِن عَدَمِ القَرارِ؛ ما رَواهُ البُخارِيُّ؛ في صَحِيحِهِ؛ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قالَ: «كانَ النَّبِيُّ ﷺ إذا صَلّى صَلاةً أقْبَلَ عَلَيْنا بِوَجْهِهِ؛ فَقالَ: ”مَن رَأى مِنكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيا“؛ فَسَألَنا يَوْمًا؛ قُلْنا: لا؛ قالَ: ”لَكِنِّي رَأيْتُ (p-٤٧٨)رَجُلَيْنِ أتَيانِي؛ فَأخَذا بِيَدِي؛ وأخْرَجانِي إلى الأرْضِ المُقَدَّسَةِ“؛ فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ؛ حَتّى قالَ: ”فانْطَلَقْنا إلى نَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ؛ أعْلاهُ ضَيِّقٌ وأسْفَلُهُ واسِعٌ؛ تُوقَدَ تَحْتَهُ نارٌ؛ فَإذا فِيهِ رِجالٌ ونِساءٌ؛ عُراةٌ؛ فَيَأْتِيهِمُ اللَّهِيبُ مِن تَحْتِهِمْ؛ فَإذا اقْتَرَبَ ارْتَفَعُوا حَتّى كادُوا يَخْرُجُونَ؛ فَإذا خَمَدَتْ رَجَعُوا“؛» فَذَكَرَهُ؛ وهو طَوِيلٌ عَظِيمٌ؛ ثُمَّ فَسَرَّهم بِالزُّناةِ.
ولَمّا كانَ هَذا أمْرًا مَهُولًا؛ وهم لا يَرْهَبُونَهُ؛ ولا يَرْجِعُونَ عَنْ غَيِّهِمْ بِهِ؛ ذَكَرَ فائِدَتَهُ؛ مَعَ الزِّيادَةِ في تَعْظِيمِهِ؛ فَقالَ: ﴿ذَلِكَ﴾؛ أيْ: الأمْرُ العَظِيمُ الشَّأْنِ؛ ﴿يُخَوِّفُ اللَّهُ﴾؛ أيْ: المَلِكُ الأعْظَمُ؛ الَّذِي صِفاتُهُ الجَبَرُوتُ؛ والكِبْرُ؛ ﴿بِهِ عِبادَهُ﴾؛ أيْ: الَّذِينَ لَهم أقَلِّيَّةُ الإقْبالِ عَلَيْهِ؛ لِيَزْدادُوا إيمانًا مَعَ إيمانِهِمْ؛ فَيُعِيذُهم مِنهُ؛ ولَمّا أهَّلَهم لِلْإضافَةِ إلَيْهِ؛ وخَوَّفَهم سَطْواتِهِ؛ أقْبَلَ عَلَيْهِمْ عِنْدَ تَهْيِئَتِهِمْ لِلِاسْتِماعِ؛ مُنَبِّهًا عَلى أنَّهُ تَخْوِيفُ اسْتِعْطافٍ؛ فَقالَ: ﴿يا عِبادِ فاتَّقُونِ﴾؛ أيْ: سَبِّبُوا عَنْ ذَلِكَ أنْ تَجْعَلُوا بَيْنَكم وبَيْنَ ما يُسْخِطُنِي وِقايَةً مِمّا يُرْضِينِي؛ لِأرْضى عَنْكم.
{"ayah":"لَهُم مِّن فَوۡقِهِمۡ ظُلَلࣱ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحۡتِهِمۡ ظُلَلࣱۚ ذَ ٰلِكَ یُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِۦ عِبَادَهُۥۚ یَـٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق