الباحث القرآني

ولَمّا كانَ العَجَبُ - فَكَيْفَ بِالعُجابِ؟! - جَدِيرًا بِأنْ يَلْزَمَ صاحِبَهُ لِيَزْدادَ النّاظِرُ عَجَبًا؛ بَيَّنَ أنَّهم فَعَلُوا خِلافَ ذَلِكَ؛ تَصْدِيقًا لِما نَسَبَهم إلَيْهِ مِنَ الشِّقاقِ؛ فَقالَ: ﴿وانْطَلَقَ﴾؛ ولَمّا كانَ ما فَعَلُوهُ لا يَفْعَلُهُ عاقِلٌ؛ فَرُبَّما ظَنَّ السّامِعُ أنَّ المُنْطَلِقَ مِنهم أسْقاطٌ مِنَ النّاسِ مِن غَيْرِهِمْ؛ قالَ: ﴿المَلأُ﴾ (p-٣٣٠)أيْ: الأشْرافُ؛ وقالَ: ﴿مِنهُمْ﴾؛ أيْ: لا مِن غَيْرِهِمْ؛ فَكَيْفَ بِالأسْقاطِ مِنهُمْ؟! وكَيْفَ بِغَيْرِهِمْ؟! ثُمَّ حَقَّقَ الِانْطِلاقَ؛ مُضَمِّنًا لَهُ القَوْلَ؛ لِأنَّهُ مِن لَوازِمِهِ؛ بِقَوْلِهِ: ﴿أنِ امْشُوا﴾؛ أيْ: قائِلًا كُلٌّ مِنهم لِذَلِكَ؛ آمِرًا لِنَفْسِهِ؛ ولِصاحِبِهِ؛ بِالجِدِّ في المُفارَقَةِ حالًا؛ ومَقالًا؛ وإذا وُقِفَ عَلى ”أنْ“؛ ابْتُدِئَ بِكَسْرِ الهَمْزَةِ؛ لِأنَّ أصْلَهُ: ”امْشِيُوا“؛ فالثّالِثُ مَكْسُورٌ؛ كَما أنَّهُ لَوْ قِيلَ لِامْرَأةٍ: ”اغْزِي“؛ يُبْتَدَأُ بِالضَّمِّ؛ لِأنَّ الأصْلَ: ”اغْزُوِي“؛ كَـ ”اخْرُجِي“؛ ﴿واصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ﴾؛ أيْ: لُزُومِ عِبادَتِها؛ وعَدَمِ الِالتِفاتِ إلى ما سِواها؛ قالَ القُشَيْرِيُّ: وإذا تَواصى الكُفّارُ فِيما بَيْنَهم بِالصَّبْرِ عَلى آلِهَتِهِمْ؛ فالمُؤْمِنُونَ أوْلى بِالصَّبْرِ عَلى عِبادَةِ مَعْبُودِهِمْ؛ والِاسْتِقامَةِ في دِينِهِمْ. ولَمّا كانَ كُلٌّ مِنهم قَدْ أخَذَ ما سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ قَلْبَهُ؛ وسَلَبَ لُبَّهُ؛ عَلى ما أشارَ إلَيْهِ ”ذِي الذِّكْرِ بَلْ“؛ فَهو خائِفٌ مِن صاحِبِهُ أنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَحالَ عَنِ اعْتِقادِ التَّعَدُّدِ بِما يَعْرِفُ مِن تَزَحْزُحِهِ في نَفْسِهِ؛ أكَّدُوا قَوْلَهُمْ: ﴿إنَّ هَذا﴾؛ أيْ: الصَّبْرَ عَلى عِبادَةِ الآلِهَةِ؛ ﴿لَشَيْءٌ يُرادُ﴾؛ أيْ: هو أهْلٌ لِلْإرادَةِ؛ فَهو أهْلٌ لِئَلّا يُنْفَكَّ عَنْهُ؛ (p-٣٣١)أوِ الَّذِي يَدْعُو إلَيْهِ شَيْءٌ يُرِيدُهُ هُوَ؛ ولا نَعْلَمُ نَحْنُ ما هُوَ؛ عَلى ما نَحْنُ عَلَيْهِ مِنَ الحِذْقِ؛ فَهو شَيْءٌ لا يُعْلَمُ في نَفْسِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب