الباحث القرآني

ولَمّا ذَكَرَ قَوْلَهُمُ النّاشِئَ عَنْ عَجَبِهِمْ؛ ذَكَرَ سَبَبَهُ؛ لِيُعْلَمَ أنَّ حالَهم هو الَّذِي يُعْجَبُ مِنهُ؛ لا حالُ مَن أنْذَرَهُمْ؛ بِقَوْلِهِ - حاكِيًا قَوْلَهُمْ؛ إنْكارًا لِمَضْمُونِ ما دَخَلَ عَلَيْهِ -: ﴿أجَعَلَ﴾؛ أيْ: صَيَّرَ بِسَبَبِ ما يَزْعُمُ أنَّهُ يُوحى إلَيْهِ؛ ﴿الآلِهَةَ﴾؛ أيْ: الَّتِي نَعْبُدُها؛ ﴿إلَهًا واحِدًا﴾؛ ولَمّا كانَ الكَلامُ في الإلَهِيَّةِ الَّتِي هي أعْظَمُ أُصُولِ الدِّينِ؛ وكانَ هو ﷺ وكُلُّ مَن تَبِعَهُ؛ بَلْ وكُلُّ مُنْصِفٍ؛ يُنْكِرُونَ أنْ يَكُونَ هَذا عَجَبًا؛ (p-٣٢٩)بَلِ العَجَبُ كُلُّ العَجَبِ مِمَّنْ يَقْبَلُ عَقْلُهُ أنْ يَكُونَ الإلَهُ أكْثَرَ مِن واحِدٍ؛ أكَّدُوا قَوْلَهم لِذَلِكَ؛ وإعْلامًا لِضُعَفائِهِمْ؛ تَثْبِيتًا لَهم بِأنَّهم عَلى غايَةِ الثِّقَةِ؛ والِاعْتِقادِ لِما يَقُولُونَ؛ لَمْ يُزَلْزِلْهم ما رَأوْا مِن مُنْذِرِهِمْ؛ مِنَ الأحْوالِ الغَرِيبَةِ؛ الدّالَّةِ - ولا بُدَّ - عَلى صِدْقِهِ؛ فَسَمَّوْها سِحْرًا؛ لِعَجْزِهِمْ عَنْها: ﴿إنَّ هَذا﴾؛ أيْ: القَوْلَ بِالوَحْدانِيَّةِ؛ ﴿لَشَيْءٌ عُجابٌ﴾؛ أيْ: في غايَةِ العَجَبِ - بِما دَلَّتْ عَلَيْهِ الضَّمَّةُ؛ والصِّيغَةُ -؛ ولِذَلِكَ قُرِئَ شاذًّا بِتَشْدِيدِ الجِيمِ؛ وهي أبْلَغُ؛ قالَ الأُسْتاذُ أبُو القاسِمِ القُشَيْرِيُّ: فَلا هم عَرَفُوا الإلَهَ؛ ولا مَعْنى الإلَهِيَّةِ؛ فَإنَّ الإلَهِيَّةَ هي القُدْرَةُ عَلى الِاخْتِراعِ؛ وتَقْدِيرُ القادِرِينَ عَلى الِاخْتِراعِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِما يَجِبُ مِن وُجُودِ التَّمانُعِ بَيْنَهُما؛ وجَوازِهِ؛ وذَلِكَ يَمْنَعُ مِن كَمالِهِما؛ ولَوْ لَمْ يَكُونا كامِلَيِ الوَصْفِ؛ لَمْ يَكُونا إلَهَيْنِ؛ وكُلُّ أمْرٍ جَرَّ ثُبُوتُهُ سُقُوطَهُ فَهو باطِلٌ؛ مُطَّرَحٌ؛ انْتَهى؛ وسَتَأْتِي الإشارَةُ إلى الرَّدِّ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿العَزِيزِ الوَهّابِ﴾ [ص: ٩]؛ ثُمَّ بِقَوْلِهِ: ﴿وما مِن إلَهٍ إلا اللَّهُ الواحِدُ القَهّارُ﴾ [ص: ٦٥]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب