الباحث القرآني

ولَمّا كانَ ذَلِكَ مُلْكًا عَظِيمًا؛ نَبَّهَ عَلى عَظَمَتِهِ بِكَثْرَتِهِ؛ ودَوامِهِ؛ وعَظَمَةِ مُؤْتِيهِ؛ فَقالَ - مُسْتَأْنِفًا؛ بِتَقْدِيرِ: ”قُلْنا لَهُ“؛ ونَحْوِهِ -: ﴿هَذا﴾؛ أيْ: الأمْرُ الكَبِيرُ؛ ﴿عَطاؤُنا﴾؛ أيْ: عَلى ما لَنا مِنَ العَظَمَةِ؛ ثُمَّ سَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ (p-٣٨٧)إطْلاقَ التَّصَرُّفِ؛ الَّذِي هو أعْظَمُ المَقاصِدِ؛ فَكَمْ مِن مالِكٍ لِشَيْءٍ وهو مَغْلُولُ اليَدِ عَنِ التَّصَرُّفِ فِيهِ؛ فَقالَ - بادِئًا بِما يُوجِبُ الحُبَّ ويُقْبِلُ بِالقُلُوبِ؛ دالًّا عَلى عَظَمَتِهِ؛ وظُهُورِ أمْرِهِ؛ بِفَكِّ الإدْغامِ -: ﴿فامْنُنْ﴾؛ أيْ: أعْطِ مَن شِئْتَ عَطاءً؛ مُبْتَدِئًا مِن غَيْرِ تَسَبُّبٍ مِنَ المُعْطى؛ ﴿أوْ أمْسِكْ﴾؛ أيْ: عَمَّنْ شِئْتَ. ولَمّا كانَ هَذا عَطاءً يَفُوتُ الوَصْفَ عَظَمَةً؛ زادَهُ تَعْظِيمًا بِكَثْرَتِهِ؛ وتَسْهِيلِهِ؛ وسَلامَةِ العاقِبَةِ فِيهِ؛ فَقالَ: ﴿بِغَيْرِ﴾؛ أيْ: كائِنًا كُلُّ ذَلِكَ مِنَ العَطاءِ والمَنِّ؛ خالِيًا عَنْ ﴿حِسابٍ﴾؛ لِأنَّكَ لا تَخْشى مِن نَقْصِهِ؛ ورَبُّكَ هو المُعْطِي؛ والآمِرُ؛ ولا مِن كَوْنِهِ مِمّا يُسْألُ عَنْهُ في الآخِرَةِ؛ لِأنَّهُ قَدْ أذِنَ لَكَ؛ فَنَفْيُ الحِسابِ عَنْهُ يُفِيدُ شَيْئَيْنِ؛ الكَثْرَةَ وعَدَمَ الدَّرَكِ في إعْطاءٍ؛ أوْ مَنعٍ؛ وجَعْلُهُ مَصْدَرًا مَزِيدًا يُفْهِمُ أنَّهُ إنَّما يُنْفى عَنْهُ حِسابٌ يُعْتَدُّ بِهِ؛ لا مُطْلَقُ ”حِسابٍ“؛ بِالتَّخْمِينِ؛ كَما يَكُونُ في الأشْياءِ الَّتِي تُعْيِي الحاصِرَ؛ فَيَقْرُبُ أمْرُها بِنَوْعِ حَدْسٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب