الباحث القرآني

ولَمّا كانَتِ الخَيْلُ مِن أعْظَمِ ما زُيِّنَ لِلنّاسِ مِن حُبِّ الشَّهَواتِ؛ (p-٣٧٨)وكانَ السِّياقُ لِلْعِزَّةِ؛ والشِّقاقِ؛ الدّالَّيْنِ عَلى عَظِيمِ الِاحْتِياجِ إلى ما يَكُفُّ ذَلِكَ؛ مِمّا أعْظَمُهُ الخَيْلُ؛ ذَكَرَ فِيها أمْرًا لَهُ ﷺ؛ دَلَّ عَلى أنَّهُ مَعَ ما لَهُ مِن عَظَمَةِ المُلْكِ؛ كَثِيرُ الأوْبَةِ؛ عَظِيمُها؛ لِأنَّ مَن لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ طَبْعًا؛ لَمْ يَقْدِرْ عَلى ما فَعَلَ؛ فَقالَ: ﴿إذْ﴾؛ أيْ: اذْكُرْ؛ لِتَقِفَ عَلى شاهِدِ ما أخْبَرْناكَ بِهِ؛ حِينَ ﴿عُرِضَ عَلَيْهِ بِالعَشِيِّ﴾؛ أيْ: فِيما بَعْدَ زَوالِ الشَّمْسِ؛ ﴿الصّافِناتُ﴾؛ أيْ: الخُيُولُ العَرَبِيَّةُ الخالِصَةُ؛ الَّتِي لا تَكادُ تَتَمالَكُ بِجَمِيعِ قَوائِمِها الِاعْتِمادَ عَلى الأرْضِ؛ اخْتِيالًا بِأنْفُسِها؛ وقُرْبًا مِنَ الطَّيَرانِ بِلَطافَتِها؛ وهِمَّتِها؛ وإظْهارًا لِقُوَّتِها؛ ورَشاقَتِها؛ وخِفَّتِها؛ قالَ في القامُوسِ: ”صَفَنَ الفَرَسُ يَصْفَنُ صُفُونًا“: قامَ عَلى ثَلاثِ قَوائِمَ؛ وطَرْفِ حافِرِ الرّابِعَةِ؛ وقالَ القَزّازُ: قامَ عَلى ثَلاثِ قَوائِمَ؛ وقائِمَةٍ يَرْفَعُها عَنِ الأرْضِ أوْ يَنالُ سُنْبُكُها الأرْضَ لِيَسْتَرِيحَ بِذَلِكَ؛ وأكْثَرُ ما تَصْفَنُ الخَيْلُ العِتاقُ؛ قالَ: وقالُوا: كُلُّ ذِي حافِرٍ يَفْعَلُهُ؛ ولَكِنَّهُ مِنَ الجِيادِ أكْثَرُ؛ لا يَكادُ يَكُونُ إلّا في العِرابِ الخُلَّصِ؛ وقِيلَ: ”الصّافِنُ“: الَّذِي يَجْمَعُ يَدَيْهِ؛ ويَثْنِي طَرْفَ سُنْبُكِ إحْدى رِجْلَيْهِ؛ وقِيلَ: ”الصّافِنُ“: الَّذِي يَرْفَعُ سُنْبُكَ إحْدى يَدَيْهِ؛ فَإذا رَفَعَ طَرْفَ سُنْبُكِ إحْدى رِجْلَيْهِ فَهو مُخَيِّمٌ؛ و”قَدْ أخامَ“؛ إذا فَعَلَ ذَلِكَ. ولَمّا تَحَرَّرَ أنَّهُ يَجُوزُ أنْ يُجْمِلَ الصّافِنَ عَلى غَيْرِ العَتِيقِ؛ وإنْ كانَ قَلِيلًا؛ حَقَّقَ أنَّ المُرادَ الوَصْفُ بِالجَوْدَةِ؛ واقِفَةً وجارِيَةً؛ فَقالَ: ﴿الجِيادُ﴾؛ أيْ: الَّتِي تَجُودُ في جَرْيِها بِأعْظَمِ ما تَقْدِرُ عَلَيْهِ؛ جَمْعُ ”جَوادٌ“؛ (p-٣٧٩)فَلَمْ تَزَلْ تُعْرَضُ عَلَيْهِ حَتّى فاتَتْهُ صَلاةُ آخِرِ النَّهارِ؛ وكانَ المَفْرُوضُ عَلى مَن تَقَدَّمَنا رَكْعَتَيْنِ أوَّلَ النَّهارِ؛ ورَكْعَتَيْنِ آخِرَهُ؛ فانْتَبَهَ في الحالِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب