الباحث القرآني
ولَمّا بَلَغَ السَّيْلُ - في رُكُوبِهِمُ الباطِلَ عِنادًا - الزُّبى؛ وتَجاوَزَ في طُغْيانِهِ رُؤُوسَ الرُّبى؛ وكانَ سُؤالُهم في تَعْجِيلِ العَذابِ اسْتِهْزاءً؛ مَعَ ما قَدَّمُوا مِنَ الإكْذابِ؛ والكَلامِ البَعِيدِ عَنِ الصَّوابِ؛ رُبَّما اقْتَضى أنْ يُسْألَ في تَعْجِيلِ ما طَلَبُوا؛ ورُبَّما أُوقِعَ في ظَنِّ أنَّ إعْراضَهم والِابْتِلاءَ بِهِمْ رُبَّما كانَ لِشَيْءٍ في البَلاغِ؛ أوِ المُبَلِّغِ؛ بَيَّنَ (تَعالى) أنَّ عادَتَهُ الِابْتِلاءَ لِلصّالِحِينَ؛ رِفْعَةً لِدَرَجاتِهِمْ؛ فَقالَ (تَعالى) - مُسَلِّيًا؛ ومُعَزِّيًا؛ ومُؤَسِّيًا لِهَذا النَّبِيِّ الكَرِيمِ ﷺ بِمَن تَقَدَّمَهُ مِن إخْوانِهِ الأنْبِياءِ (p-٣٤٩)والمُرْسَلِينَ؛ مُذَكِّرًا لَهُ بِما قاسَوْا مِنَ الشَّدائِدِ؛ وما لاقَوْا مِنَ المِحَنِ؛ وحاثًّا عَلى العَمَلِ بِأعْمالِهِمْ؛ آمِرًا بِالتَّأنِّي؛ والتُّؤَدَةِ؛ والحِلْمِ؛ ومُحَذِّرًا مِنَ العَجَلَةِ؛ والتَّبَرُّمِ؛ والضَّجَرِ؛ وبَدَأ بِأهْلِ الشَّرَفِ؛ لِأنَّ السِّياقَ لِشَرَفِ القُرْآنِ؛ الَّذِي يَلْزَمُ مِنهُ شَرَفُ صاحِبِهِ؛ تَعْرِيفًا بِأنَّهُ لا يَلْزَمُ مِنَ الشَّرَفِ الرّاحَةُ في الدُّنْيا؛ ومُنَبِّهًا عَلى أنَّ شَرَفَهُ مُحْوِجٌ عَنْ قُرْبٍ بِكَثْرَةِ الأتْباعِ إلى الحُكْمِ بَيْنَ ذَوِي الخُصُوماتِ والنِّزاعِ؛ الَّذِي لا قِوامَ لَهُ إلّا بِالحِلْمِ؛ والأناةِ؛ والصَّبْرِ؛ وبَدَأ مِن أهْلِ الشَّرَفِ بِمَن كانَ أوَّلُ أمْرِهِ مِثْلَ أوَّلِ أمْرِ هَذا النَّبِيِّ الكَرِيمِ؛ في اسْتِضْعافِ قَوْمِهِ لَهُ؛ وآخِرُ أمْرِهِ مَلِكًا ثابِتَ الأرْكانِ؛ مَهِيبَ السُّلْطانِ؛ لِيَكُونَ حالُهُ مَثَلًا لَهُ؛ فَيَحْصُلَ بِهِ تَمامُ التَّسْلِيَةِ -: ﴿اصْبِرْ﴾؛ وأشارَ بِحَرْفِ الِاسْتِعْلاءِ إلى عَظِيمِ الصَّبْرِ؛ فَقالَ: ﴿عَلى ما﴾؛ وزادَ في الحَثِّ عَلَيْهِ بِالمُضارِعِ؛ فَقالَ: ﴿يَقُولُونَ﴾؛ أيْ: يُجَدِّدُونَ قَوْلَهُ في كُلِّ حِينٍ؛ مِنَ الأقْوالِ المُنْكِيَةِ المُوجِعَةِ؛ المُبْكِيَةِ؛ فَإنَّهُ لَيْسَ لِنَقْصِ فِيكَ؛ ولَكِنَّهُ لِحِكَمٍ تَجِلُّ عَنِ الوَصْفِ؛ مَدارُها زِيادَةُ شَرَفِكَ؛ ورِفْعَةِ دَرَجاتِكَ؛ وصَرَفَ الكَلامَ إلى مَقامِ العَظَمَةِ؛ لِاقْتِضاءِ ما يُذْكَرُ مِنَ التَّسْخِيرِ لِذَلِكَ: ﴿واذْكُرْ عَبْدَنا﴾؛ أيْ: الَّذِي أخْلَصْناهُ لَنا؛ وأخْلَصَ نَفْسَهُ لِلنَّظَرِ إلى عَظَمَتِنا؛ والقِيامِ في خِدْمَتِنا؛ وأبْدَلَ مِنهُ؛ أوْ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿داوُدَ ذا الأيْدِ﴾؛ أيْ: القُوى العَظِيمَةِ في تَخْلِيصِ نَفْسِهِ مِن عَلائِقِ الأجْسامِ؛ فَكانَتْ قُوَّتُهُ (p-٣٥٠)فِي ذَلِكَ سَبَبًا لِعُرُوجِهِ إلى المَراتِبِ العِظامِ.
ولَمّا كانَ أعْظَمُ الجِهادِ الإنْقاذَ مِن حَفائِرِ الهَفَواتِ؛ وأوامِرِ الشَّهَواتِ؛ بِالإصْعادِ في مَدارِجِ الكَمالاتِ؛ ومَعارِجِ الإقْبالِ؛ وكانَ ذَلِكَ لا يَكادُ يُوجَدُ في الآدَمِيِّينَ؛ لِما حُفُّوا بِهِ مِنَ الشَّهَواتِ؛ ورَكَزَ في طِباعِهِمْ مِنَ الغَفْلاتِ؛ عَلَّلَ قُوَّتَهُ بِقَوْلِهِ - مُؤَكِّدًا -: ﴿إنَّهُ أوّابٌ﴾؛ أيْ: رَجّاعٌ إلى اللَّهِ (تَعالى)؛ لِيَصِيرَ إلى ما خَلَقَهُ عَلَيْهِ مِن أحْسَنِ تَقْوِيمٍ؛ بِالعَقْلِ المَحْضِ؛ أطْلَقَ العُلُوَّ دَرَجَةً دَرَجَةً عَلى الرُّجُوعِ؛ لِأنَّ ذَلِكَ دُونَ الرُّتْبَةِ الَّتِي تَكُونُ نِهايَةً عِنْدَ المَوْتِ؛ فَكَأنَّ المَقْضِيَّ لَهُ بِها أنْزَلَ نَفْسَهُ عَنْها؛ ثُمَّ صارَ يَرْجِعُ إلَيْها كُلَّ لَحْظَةٍ؛ بِما يُكابِدُ مِنَ المُجاهَداتِ؛ والمُنازَلاتِ؛ والمُحاوَلاتِ؛ حَتّى وصَلَ إلَيْها بَعْدَ التَّجَرُّدِ عَنِ الهَوى كُلِّهِ؛
{"ayah":"ٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا یَقُولُونَ وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَا دَاوُۥدَ ذَا ٱلۡأَیۡدِۖ إِنَّهُۥۤ أَوَّابٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق