الباحث القرآني

وأشارَ إلى سُفُولِ رُتْبَةِ مَعْبُوداتِهِمْ؛ وتَسْفِيهِ آرائِهِمْ بِانْتِحالِ الأذى؛ بِقَوْلِهِ - صارِفًا الأُسْلُوبَ مِنَ المُتَكَلِّمِ؛ ولَوْ بِمَظْهَرِ العَظَمَةِ؛ إلى أعْظَمَ مِنهُ -: ﴿مِن دُونِ اللَّهِ﴾؛ أيْ: الَّذِي تَفَرَّدَ بِنُعُوتِ العَظَمَةِ؛ وصِفاتِ الكَمالِ؛ والمُرادُ الَّذِينَ رَضُوا بِعِبادَتِهِمْ لَهُمْ؛ ولَمْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِمْ ذَلِكَ؛ ويَأْمُرُوهم بِتَوْحِيدِ اللَّهِ. (p-٢٠٩)ولَمّا كانُوا قَدْ سَلَكُوا في الدُّنْيا طَرِيقَ الشَّقاءِ المَعْنَوِيَّةِ اسْتَحَقُّوا أنْ يَلْزَمُوا في القِيامَةِ سُلُوكَ طَرِيقِهِ الحِسِّيَّةِ؛ فَلِذَلِكَ سَبَّبَ عَنِ الأمْرِ بِحَشْرِهِمْ قَوْلَهُ - تَهَكُّمًا بِهِمْ؛ وتَحْسِيرًا لَهم -: ﴿فاهْدُوهُمْ﴾؛ أيْ: دُلُّوهم دَلالَةً لا يَرْتابُونَ مَعَها؛ لِيَعْرِفُوا - مَعَ ما هم فِيهِ مِنَ الإكْراهِ عَلى سُلُوكِها - مَآلَهُمْ؛ فَيَكُونَ ذَلِكَ أعْظَمَ في نَكَدِهِمْ؛ قالَ الرّازِيُّ: وأصْلُ الهِدايَةِ التَّقَدُّمُ؛ والعَرَبُ تُسَمِّي السّابِقَ ”هادِيًا“؛ يُقالُ: ”أقْبَلَتْ هَوادِي الخَيْلِ“؛ أيْ: أعْناقُها؛ و”الهادِيَةُ“: العَصا؛ لِأنَّها تَتَقَدَّمُ مُمْسِكَها؛ و”نَظَرَ فُلانٌ هَدْيَ أمْرِهِ“؛ أيْ: جِهَتَهُ. ثُمَّ أشارَ إلى طُولِ وُقُوفِهِمْ؛ وسُوءِ مُقامِهِمْ؛ بِقَوْلِهِ - بِأداةِ الِانْتِهاءِ -: ﴿إلى صِراطِ الجَحِيمِ﴾؛ أيْ: طَرِيقِ النّارِ الشَّدِيدَةِ التَّوَقُّدِ الواضِحِ؛ الَّذِي لا لَبْسَ عِنْدَهم بِأنَّهُ يَشْتَرِطُهم فَيُؤَدِّيهِمْ إلَيْها؛ وخَصَّ هَذا الِاسْمَ إعْلامًا بِشَدِيدِ تَوَقُّدِها؛ وعَظِيمِ تَأجُّجِها؛ وبُعْدِ قَعْرِها؛ وضَخامَةِ غَمْرَتِها - بِتَراكُمِ بَعْضِها فَوْقَ بَعْضٍ -؛ وقُوَّةِ اضْطِرامِها؛ وعُلُوِّ شَأْنِها؛ واصْطِلامِها؛ وصَلابَةِ اضْطِرابِها؛ وتَحَرُّقِها؛ واشْتِمالِها عَلى داخِلِيها؛ وتَضايُقِها؛ وفِيهِ تَهَكُّمٌ بِهِمْ في كَوْنِهِمْ عَلى غَيْرِ ما كانُوا عَلَيْهِ في الدُّنْيا مِنَ التَّناصُرِ؛ والتَّعاضُدِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب