الباحث القرآني
ولَمّا أمَرَهم بِالِامْتِيازِ أمْرًا إرادِيًّا حُكْمِيًّا؛ فامْتازُوا في الحالِ؛ وأسَرُّوا النَّدامَةَ؛ وسُقِطَ في أيْدِيهِمْ؛ فَعَضُّوا الأنامِلَ؛ وصَرُّوا بِالأسْنانِ؛ وشَخَصَتْ مِنهُمُ الأبْصارُ؛ وكَلَحَتِ الوُجُوهُ؛ وتَقَلَّصَتِ الشِّفاهُ؛ ونُكِّسَتِ الرُّؤُوسُ؛ وشَحَبَتِ الألْوانُ؛ وسُحِبُوا عَلى الوُجُوهِ؛ وكانَ مِن فُنُونِ المَساءَةِ وشُؤُونِ الحَسْرَةِ ما تَعْجِزُ عَنْهُ العُقُولُ؛ وتَذُوبُ مِن ذِكْرِهِ النُّفُوسُ؛ وتَنْخَلِعُ القُلُوبُ؛ قالَ - سُبْحانَهُ - مُوَبِّخًا لَهم في تِلْكَ الحالِ؛ بِهَذا المَقالِ؛ مُعَلِّلًا حُكْمَهُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ؛ بِأنَّهُ لَمْ يَتْرُكْهم هَمَلًا؛ بَلْ رَكَّبَ فِيهِمْ مِنَ العُقُولِ؛ ونَصَبَ لَهم مِنَ الدَّلائِلِ عَلى كَمالِهِ ما هو كافٍ لَهم في النَّجاةِ؛ ثُمَّ ما وكَلَهم (p-١٥٢)إلى ذَلِكَ؛ بَلْ أرْسَلَ إلَيْهِمْ رُسُلًا؛ وأنْزَلَ عَلَيْهِمْ كُتُبًا -: ﴿ألَمْ أعْهَدْ﴾؛ أيْ: أُوصِكم إيصاءً عَظِيمًا؛ بِما نَصَبْتُ مِنَ الأدِلَّةِ؛ ومَنَحْتُ مِنَ العُقُولِ؛ وبَعَثْتُ مِنَ الرُّسُلِ؛ وأنْزَلْتُ مِنَ الكُتُبِ؛ في بَيانِ الطَّرِيقِ المُوصِلِ إلى النَّجاةِ؛ لافِتًا القَوْلَ عَنْ مَظْهَرِ الإحْسانِ؛ إلى ما هو أوْلى بِهِ مِن مَظْهَرِ التَّكَلُّمِ بِالوَحْدَةِ؛ دَفْعًا لِلَّبْسِ؛ ثُمَّ أشارَ إلى عُلُوِّهِ؛ وجَلالِهِ؛ وعِظَمِهِ؛ وسُمُوِّ كَمالِهِ؛ فَقالَ: ﴿إلَيْكُمْ﴾
ولَمّا كانَ المَقْصُودُ بِهَذا الخِطابِ تَقْرِيعَهُمْ؛ وتَوْبِيخَهُمْ؛ وتَبْكِيتَهُمْ؛ وكانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ القَلْبَ؛ وكانَ القَلْبُ أشْرَفَ الأعْضاءِ؛ وكانَ الإنْسانُ أشْرَفَ المَوْجُوداتِ؛ خَصَّهُ بِالخِطابِ؛ لِأنَّ خِطابَهُ خِطابٌ لِلْجِنِّ؛ فَقالَ - مُؤَكِّدًا ما أفْهَمَهُ حَرْفُ الغايَةِ مِن عُلُوِّ رُتْبَتِهِ؛ وعَظِيمِ مَنزِلَتِهِ؛ بِما أشارَتْ إلَيْهِ أداةُ البُعْدِ -: ﴿يا بَنِي آدَمَ﴾؛ أيْ: فَلَمْ أخُصَّكم بِذَلِكَ عَنْ أبْناءِ غَيْرِ نَوْعِكُمْ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ التَّخْصِيصُ حامِلًا لَكم عَلى العِصْيانِ؛ بَلْ لِيَكُونَ مُوجِبًا لِلطّاعاتِ؛ والعِرْفانِ: ﴿أنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ﴾؛ أيْ: البَعِيدَ؛ المُحْتَرِقَ بِطاعَتِكم لَهُ؛ فِيما يُوَسْوِسُ لَكم بِهِ؛ ثُمَّ عَلَّلَ النَّهْيَ عَنْ عِبادَتِهِ بِما يَقْتَضِي (p-١٥٣)شِدَّةَ النَّفْرَةِ مِنهُ؛ بَعْدَ أنَّ لَوَّحَ إلى ذَلِكَ بِوَصْفِهِ؛ فَقالَ: ﴿إنَّهُ لَكُمْ﴾؛ والتَّأْكِيدِ لِأنَّ أفْعالَهم أفْعالُ مَن يَعْتَقِدُ صَداقَتَهُ؛ ﴿عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾؛ أيْ: ظاهِرُ العَداوَةِ جِدًّا؛ مِن جِهَةِ عَداوَتِهِ لِأبِيكُمُ؛ العَداوَةَ الَّتِي أخْرَجَتْكم مِنَ الجَنَّةِ؛ الَّتِي لا مُنْزَلَ أشْرَفُ مِنها؛ ومِن جِهَةِ أمْرِهِ لَكم بِما يُبَغِّضُ الدُّنْيا؛ مِنَ التَّخالُفِ؛ والتَّخاصُمِ؛ ومِن جِهَةِ تَزْيِينِهِ لِلْفانِي؛ الَّذِي لا يَرْغَبُ فِيهِ عاقِلٌ؛ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَيْبٌ غَيْرُ فَنائِهِ؛ فَكَيْفَ إذا كانَ أكْثَرُهُ أكْدارًا؛ وأدْناسًا؛ وأوْضارًا؟! فَكَيْفَ إذا كانَ شاغِلًا عَنِ الباقِي؟! فَكَيْفَ إذا كانَ عائِقًا عَنِ المَوْلى؟! فَكَيْفَ إذا كانَ مُغْضِبًا لَهُ؛ حاجِبًا عَنْهُ؟!
{"ayah":"۞ أَلَمۡ أَعۡهَدۡ إِلَیۡكُمۡ یَـٰبَنِیۤ ءَادَمَ أَن لَّا تَعۡبُدُوا۟ ٱلشَّیۡطَـٰنَۖ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوࣱّ مُّبِینࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق