الباحث القرآني

ولَمّا تَقَرَّرَ أنَّ لِكُلٍّ مِنهُما مُنازِلَ؛ لا يَعْدُوها؛ فَلا يَغْلِبُ ما هو آيَتُهُ ما هو آيَةُ الآخَرِ؛ بَلْ إذا جاءَ سُلْطانُ هَذا ذَهَبَ ذاكَ؛ وإذا جاءَ ذاكَ ذَهَبَ هَذا؛ فَإذا اجْتَمَعا قامَتِ السّاعَةُ؛ تَحَرَّرَ أنَّ نَتِيجَةَ هَذِهِ القَضايا: ﴿لا الشَّمْسُ﴾؛ أيْ: الَّتِي هي آيَةُ النَّهارِ؛ ﴿يَنْبَغِي لَها﴾؛ أيْ: ما دامَ هَذا الكَوْنُ مَوْجُودًا عَلى هَذا التَّرْتِيبِ؛ ﴿أنْ تُدْرِكَ﴾؛ أيْ: لِأنَّ حَرَكَتَها بَطِيئَةٌ؛ ﴿القَمَرَ﴾؛ أيْ: فَتَطْمِسَهُ بِالكُلِّيَّةِ؛ فَما النَّهارُ سابِقُ اللَّيْلِ؛ ﴿ولا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ﴾؛ أيْ: حَتّى يَنْبَغِيَ لِلْقَمَرِ؛ مَعَ سُرْعَةِ سَيْرِهِ؛ أنْ يُدْرِكَ الشَّمْسَ؛ ويَغْلِبَها؛ فَلا يُوجَدُ نَهارٌ أصْلًا؛ ولَوْ قِيلَ: ”يَسْتَبِقُ“؛ لاخْتَلَّ المَعْنى؛ لِإيهامِهِ أنَّهُ لا يَتَقَدَّمُهُ أصْلًا؛ فالآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ: نَفى أوَّلًا إدْراكَ الشَّمْسِ لِقُوَّتِها دَلِيلًا عَلى ما حُذِفَ مِنَ الثّانِيَةِ مِن نَفْيِ إدْراكِ القَمَرِ لِلشَّمْسِ؛ وذَكَرَ ثانِيًا سَبْقَ اللَّيْلِ النَّهارَ لِما لَهُ مِنَ القُوَّةِ (p-١٣٣)بِما يَعْرِضُ مِنَ النَّهارِ؛ فَيُغَشِّيهِ دَلِيلًا عَلى حَذْفِ سَبْقِ النَّهارِ اللَّيْلَ أوَّلًا؛ ﴿وكُلٌّ﴾؛ أيْ: مِنَ المَذْكُوراتِ؛ حَقِيقَةً؛ ومَجازًا؛ ﴿فِي فَلَكٍ﴾؛ مُحِيطٍ بِهِ؛ ولَمّا ذَكَرَ لَها فِعْلَ العُقَلاءِ؛ وكانَ عَلى نِظامٍ مُحَرَّرٍ لا يَخْتَلُّ؛ وسَيْرٍ مُقَدَّرٍ لا يَعْوَجُّ ولا يَنْحَلُّ؛ فَكانَ مُنَزَّهًا عَنْ آفَةٍ تَلْحَقُهُ؛ أوْ مَلَلٍ يَطْرُقُهُ؛ عَبَّرَ بِما تَدُورُ مادَّتُهُ عَلى القُدْرَةِ والشِّدَّةِ والِاتِّساعِ؛ فَقالَ - آتِيًا بِضَمِيرِ العُقَلاءِ؛ جامِعًا؛ لِأنَّهُ أدَلُّ عَلى تَسْخِيرِهِمْ دائِمًا -: ﴿يَسْبَحُونَ﴾؛ حَثًّا عَلى تَدَبُّرِ ما فِيها مِنَ الآياتِ الَّتِي غَفَلَ عَنْها - لِشِدَّةِ الإلْفِ لَها - الجاهِلُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب