الباحث القرآني

ولَمّا أخْبَرَ عَنْهم - سُبْحانَهُ - بِما هو الحَقُّ مِن أمْرِهِمْ؛ ورَغَّبَهم بِما ضَرَبَ لَهم مِنَ المَثَلِ؛ ورَهَّبَهُمْ؛ ولَمْ يَنْفَعْهم ذَلِكَ؛ أنْتَجَ التَّأْسِيفَ عَلَيْهِمْ؛ وعَلى المُمَثَّلِ بِهِمْ؛ ومَن شابَهَهُمْ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿يا حَسْرَةً﴾؛ أيْ: هَذا الحالُ مُسْتَحِقٌّ لِمُلازَمَةِ حَسْرَةٍ عَظِيمَةٍ؛ ﴿عَلى العِبادِ﴾؛ فَكَأنَّهُ قِيلَ لَها: تَعالَيْ؛ فَهَذا مِن أحْوالِكِ الَّتِي حَقُّكِ أنْ تَحْضُرِي فِيها؛ فَإنَّ هَؤُلاءِ أحِقّاءُ بِأنْ يُتَحَسَّرَ عَلَيْهِمْ؛ والحَسْرَةُ: شِدَّةُ النَّدَمِ عَلى ما فاتَ؛ فَأحْرَقَ فَقْدُهُ؛ وأعْيا أمْرُهُ؛ فَلا حِيلَةَ في رَدِّهِ؛ ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَعْنى أنَّ العِبادَ - لِكَثْرَةِ ما يَعْكِسُونَ مِن أعْمالِهِمْ - لا تُفارِقُهم أسْبابُ الحَسْرَةِ؛ ولا حاضِرَ مَعَهم غَيْرُها؛ فَلا نَدِيمَ لَهم إلّا هِيَ؛ ولا مُسْتَعْلِيَ عَلَيْهِمْ؛ وغالِبَ لَهم سِواها. ولَمّا كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: أيُّ حالٍ؟ قالَ - مُبَيِّنًا لَهُ؛ ومُعَلِّلًا لِلتَّحَسُّرِ؛ بِذِكْرِ سَبَبِهِ -: ﴿ما يَأْتِيهِمْ﴾؛ وأعْرَقَ في النَّفْيِ؛ والتَّعْمِيمِ؛ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن رَسُولٍ﴾؛ أيِّ رَسُولٍ كانَ؛ في أيِّ وقْتٍ كانَ؛ ﴿إلا كانُوا بِهِ﴾؛ أيْ: بِذَلِكَ الرَّسُولِ؛ ﴿يَسْتَهْزِئُونَ﴾؛ أيْ: يُوجِدُونَ الهَزْءَ؛ والرُّسُلُ أبْعَدُ الخَلْقِ مِنَ الهَزْءِ حالًا؛ ومَقالًا؛ وفِعالًا؛ ومِنَ الواضِحِ أنَّ المُسْتَهْزِئَ بِمَن هَذا حالُهُ هالِكٌ؛ (p-١١٨)فَهُوَ جَدِيرٌ بِمُلازَمَةِ الحَسْرَةِ؛ وأنْ يُتَحَسَّرَ عَلَيْهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب