الباحث القرآني

ولَمّا كانَ أعْظَمُ مَقاصِدِ السِّياقِ تَسْلِيَةَ النَّبِيِّ ﷺ في تَوَقُّفِهِمْ عَنِ المُبادَرَةِ إلى الإيمانِ بِهِ؛ مَعَ دُعائِهِ بِالكِتابِ الحَكِيمِ؛ إلى الصِّراطِ المُسْتَقِيمِ؛ وكانَ في المُشارَكَةِ في المَصائِبِ أعْظَمُ تَسْلِيَةٍ؛ أبْدَلَ مِن قَوْلِهِ: ”إذْ جاءَها“؛ تَفْصِيلًا لِذَلِكَ المَجِيءِ؛ قَوْلَهُ - مُسْنِدًا إلى نَفْسِهِ (p-١٠٥)المُقَدَّسِ؛ لِكَوْنِهِ أعْظَمَ في التَّسْلِيَةِ -: ﴿إذْ أرْسَلْنا﴾؛ أيْ: عَلى ما لَنا مِنَ العَظَمَةِ؛ ولَمّا كانَ المَقْصُودُ بِالرِّسالَةِ أصْحابَها؛ قالَ: ﴿إلَيْهِمُ اثْنَيْنِ﴾؛ أيْ: لِيُعَضِّدَ أحَدُهُما الآخَرَ؛ فَيَكُونَ أشَدَّ لِأمْرِهِما؛ فَأخْبَراهم بِإرْسالِهِما إلَيْهِمْ؛ كَأنْ قالا: نَحْنُ رَسُولانِ إلَيْكُمْ؛ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ؛ ﴿فَكَذَّبُوهُما﴾؛ أيْ: مَعَ ما لَهُما مِنَ الآياتِ؛ لِأنَّهُ مِنَ المَعْلُومِ أنّا ما أرْسَلْنا رَسُولًا إلّا كانَ مَعَهُ مِنَ الآياتِ ما مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ البَشَرُ؛ سَواءٌ كانَ عَنّا؛ مِن غَيْرِ واسِطَةٍ؛ أوْ كانَ بِواسِطَةِ رَسُولِنا؛ كَما كانَ لِلطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدُّوسِيِّ؛ ذِي النُّورِ؛ لَمّا ذَهَبَ إلى قَوْمِهِ؛ وسَألَ النَّبِيَّ ﷺ أنْ تَكُونَ لَهُ آيَةٌ؛ فَكانَتْ نُورًا في جَبْهَتِهِ؛ ثُمَّ سَألَ أنْ تَكُونَ في غَيْرِ وجْهِهِ؛ فَكانَتْ في سَوْطِهِ. ولَمّا كانَ التَّضافُرُ عَلى الشَّيْءِ أقْوى لِشَأْنِهِ؛ وأعْوَنَ عَلى ما يُرادُ مِنهُ؛ سَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ قَوْلَهُ - حاذِفًا المَفْعُولَ؛ لِفَهْمِهِ مِنَ السِّياقِ؛ ولِأنَّ المَقْصُودَ إظْهارُ الِاقْتِدارِ عَلى إيقاعِ الفِعْلِ؛ وتَصْرِيفِهِ في كُلِّ ما أُرِيدَ لَهُ -: ﴿فَعَزَّزْنا﴾؛ أيْ: فَأوْقَعْنا العِزَّةَ؛ وهي القُوَّةُ؛ والشِّدَّةُ؛ والغَلَبَةُ؛ لِأمْرِنا؛ أوْ لِرَسُولِنا؛ بِسَبَبِ ما وقَعَ لَهُما مِنَ الوَهْنِ بِالتَّكْذِيبِ؛ فَحَصَلَ ما أرَدْنا مِنَ العِزَّةِ - بِما أشارَتْ إلَيْهِ قِراءَةُ أبِي بَكْرٍ؛ عَنْ عاصِمٍ؛ بِالتَّخْفِيفِ ﴿بِثالِثٍ﴾ (p-١٠٦)أرْسَلْناهُ بِما أرْسَلْناهُما بِهِ؛ ﴿فَقالُوا﴾؛ أيْ: الثَّلاثَةُ بَعْدَ أنْ أتَوْهُمْ؛ وظَهَرَ لَهم إصْرارُهم عَلى التَّكْذِيبِ؛ مُؤَكِّدِينَ بِحَسَبِ ما رَأوْا مِن تَكْذِيبِهِمْ: ﴿إنّا إلَيْكُمْ﴾؛ أيْ: لا إلى غَيْرِكُمْ؛ ﴿مُرْسَلُونَ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب