الباحث القرآني
ولَمّا بَيَّنَ الأصْلَ الثّانِي؛ الَّذِي هو الرِّسالَةُ؛ وأتْبَعَها ثَمَرَتَها المَخْتُومَةَ بِالبِشارَةِ؛ وكانَ الأصْلُ الثّالِثُ في الإيمانِ - وهو البَعْثُ - سَبَبًا عَظِيمًا في التَّرْقِيَةِ إلى اعْتِقادِ الوَحْدانِيَّةِ؛ الَّتِي هي الأصْلُ الأوَّلُ؛ وكانَ أكْثَرُ الخائِفِينَ مِنهُ - سُبْحانَهُ - مُقَتَّرًا عَلَيْهِمْ في دُنْياهُمْ؛ مُنَغَّصَةً عَلَيْهِمْ حَياتُهُمْ؛ عَلَّلَ (p-١٠١)هَذِهِ البِشارَةَ؛ إعْلامًا بِأنَّ هَذا الأجْرَ في هَذِهِ الدّارِ بِالمَلابِسِ الباطِنَةِ؛ الفاخِرَةِ؛ مِنَ المَعارِفِ؛ والسَّكِينَةِ؛ والبَرَكاتِ؛ والطُّمَأْنِينَةِ؛ وبَعْدَ البَعْثِ بِالمَلابِسِ الظّاهِرَةِ؛ الزّاهِرَةِ؛ المُسَبَّبَةِ عَنِ المَلابِسِ الدُّنْيَوِيَّةِ الباطِنَةِ الخَفِيَّةِ؛ عَنْ غَيْرِ أهْلِها؛ بِشارَةً لَهُمْ؛ ونِذارَةً لِلْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَهُمْ؛ بِقَوْلِهِ - مُقَدِّمًا لِلْبَعْثِ؛ لِما ذُكِرَ مِن فائِدَتِهِ؛ لافِتًا القَوْلَ إلى مَظْهَرِ العَظَمَةِ؛ إيذانًا بِعَظَمَةِ هَذِهِ المَقاصِدِ؛ وبِأنَّهُ لا يَحْمِي لِهَؤُلاءِ الخُلَّصِ؛ مَعَ قِلَّتِهِمْ؛ ومُبايِنَتِهِمْ لِلْأوَّلِينَ؛ مَعَ كَثْرَتِهِمْ؛ إلّا مَن لَهُ العَظَمَةُ الباهِرَةُ -: ﴿إنّا نَحْنُ﴾؛ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ؛ الَّتِي لا تُضاهى؛ ﴿نُحْيِي﴾؛ أيْ: بِحَسَبِ التَّدْرِيجِ الآنَ؛ وجُمْلَةً في السّاعَةِ؛ ﴿المَوْتى﴾؛ أيْ: كُلَّهُمْ؛ حِسًّا بِالبَعْثِ؛ ومَعْنًى بِالإنْقاذِ؛ إذا أرَدْنا؛ مِن ظُلَمِ الجَهْلِ؛ ﴿ونَكْتُبُ﴾؛ أيْ: مِن صالِحٍ؛ وغَيْرِهِ؛ شَيْئًا فَشَيْئًا بَعْدَهُ؛ فَلا يَتَعَدّى التَّفْصِيلُ شَيْئًا في ذَلِكَ الإجْمالِ؛ ﴿ما قَدَّمُوا﴾؛ مِن جَمِيعِ أفْعالِهِمْ؛ وأحْوالِهِمْ؛ وأقْوالِهِمْ؛ جُمْلَةً؛ عِنْدَ نَفْخِ الرُّوحِ؛ ﴿وآثارَهُمْ﴾؛ أيْ: سُنَنَهُمُ الَّتِي تَبْقى مِن بَعْدِهِمْ؛ صالِحَةً كانَتْ؛ أوْ غَيْرَ صالِحَةٍ؛ ونُجازِي كُلًّا بِما يَسْتَحِقُّ في الدّارِ الآخِرَةِ؛ الَّتِي الجَزاءُ فِيها لا يَنْقَطِعُ؛ فَلا أكْرَمَ مِنهُ إذا كانَ كَرِيمًا. (p-١٠٢)ولَمّا كانَ ذَلِكَ رُبَّما أوْهَمَ الِاقْتِصارَ عَلى كِتابَةٍ ما ذَكَرَ مِن أحْوالِ الآدَمِيِّينَ؛ أوِ الحاجَةِ إلى الكِتابَةِ؛ دَلَّ عَلى قُدْرَتِهِ عَلى ما لا تُمْكِنُ القُدْرَةُ عَلَيْهِ لِأحَدٍ غَيْرِهِ؛ في أقَلِّ قَلِيلٍ مِمّا ذُكِرَ؛ فَكَيْفَ بِما فَوْقَهُ؟! فَقالَ - ناصِبًا؛ عَطْفًا لِفِعْلِيَّةٍ عَلى فِعْلِيَّةٍ؛ وهي ”نَكْتُبُ“ -: ﴿وكُلَّ شَيْءٍ﴾؛ أيْ: مِن أمْرِ الأحْياءِ؛ وغَيْرِهِمْ؛ ﴿أحْصَيْناهُ﴾؛ أيْ: قَبْلَ إيجادِهِ؛ بِعِلْمِنا القَدِيمِ؛ إحْصاءً؛ وكَتَبْناهُ؛ ﴿فِي إمامٍ﴾؛ أيْ: كِتابٍ؛ هو أهْلٌ لِأنْ يُقْصَدَ؛ ﴿مُبِينٍ﴾؛ أيْ: لا يَخْفى فِيهِ شَيْءٌ مِن جَمِيعِ الأحْوالِ عَلى أحَدٍ أرادَ عِلْمَهُ مِنهُ؛ فَلِلَّهِ هَذِهِ القُدْرَةُ الباهِرَةُ؛ والعَظَمَةُ الظّاهِرَةُ؛ والعِزَّةُ القاهِرَةُ؛ فالآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ: دَلَّ فِعْلُ الإحْصاءِ عَلى مَصْدَرِهِ؛ وذِكْرُ الإمامِ عَلى فِعْلِ الكِتابَةِ.
ولَمّا انْتَهى الكَلامُ إلى هُنا؛ وكانَ مَقْصُودُ السُّورَةِ؛ كَما سَلَفَ؛ إثْباتَ الرِّسالَةِ؛ لِإنْذارِ يَوْمِ الجَمْعِ؛ وكانَ الإنْذارُ غايَةً؛ وكانَتِ الغاياتُ هي المَقاصِدُ بِالذّاتِ؛ وكانَتْ غايَةُ الإنْذارِ اتِّباعَ الذِّكْرِ؛ فَكانَ ذَلِكَ غايَةَ الغايَةِ؛ كانَ الكَلامُ عَلى المُتَّبِعِينَ أوْلى بِالتَّقْدِيمِ؛ عَلى أنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ الكَلامِ فِيهِمُ الكَلامُ في أضْدادِهِمْ؛ وهُمُ المُعْرِضُونَ؛ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ القَوْلُ؛ والكَلامُ عَلى اليَوْمِ المُنْذَرِ بِهِ؛ فَلِذَلِكَ ضَرَبَ المَثَلَ الجامِعَ لِذَلِكَ كُلِّهِ؛ ومَرَّ إلى (p-١٠٣)أنْ صَوَّرَ البَعْثَ تَصْوِيرًا لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهُ؛ ثُمَّ عَطَفَ بِآيَةِ الطَّمْسِ؛ وما بَعْدَها عَلى القِسْمِ المُعْرِضِ؛ ثُمَّ رَجَعَ إلى الكَلامِ عَلى الرَّسُولِ والكِتابِ.
{"ayah":"إِنَّا نَحۡنُ نُحۡیِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُوا۟ وَءَاثَـٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَیۡءٍ أَحۡصَیۡنَـٰهُ فِیۤ إِمَامࣲ مُّبِینࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











