الباحث القرآني

﴿إنَّ الشَّيْطانَ﴾؛ أيْ: المُحْتَرِقَ بِالغَضَبِ؛ البَعِيدَ مِنَ الخَيْرِ؛ ﴿لَكُمْ﴾؛ أيْ: خاصَّةً؛ فَهو في غايَةِ الفَراغِ لِأذاكُمْ؛ فاجْتَهِدُوا في الهَرَبِ مِنهُ؛ ﴿عَدُوٌّ﴾؛ بِتَصْوِيبِ مَكايِدِهِ كُلِّها إلَيْكُمْ؛ وبِما سَبَقَ لَهُ مَعَ أبِيكم آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلامُ -؛ بِما وصَلَ أذاهُ إلَيْكُمْ؛ وأيْضًا: ”مَن عادى أباكَ فَقَدْ عاداكَ“. (p-١٢)ولَمّا كانَتْ عَداوَتُهُ تَحْتاجُ إلى مُجاهَدَةٍ؛ لِأنَّهُ يَأْتِي الإنْسانَ مِن قِبَلِ الشَّهَواتِ؛ عَبَّرَ بِصِيغَةِ الِافْتِعالِ؛ فَقالَ: ﴿فاتَّخِذُوهُ﴾؛ أيْ: بِغايَةِ جُهْدِكُمْ؛ ﴿عَدُوًّا﴾؛ واللَّهُ لَكم ولِيٌّ؛ فاتَّخِذُوهُ ولِيًّا؛ بِأنْ تَتَحَرَّوْا ما يَغِيظُ الشَّيْطانَ؛ بِأنْ تُخالِفُوهُ في كُلِّ ما يُرِيدُهُ ويَأْمُرُ بِهِ؛ وتَتَعَمَّدُوا ما يَرْضاهُ الرَّحْمَنُ؛ ونَهَجَهُ لَكُمْ؛ وأمَرَكم بِهِ؛ فَتَلْتَزِمُوهُ؛ قالَ القُشَيْرِيُّ: ولا يُقْوى عَلى عَداوَتِهِ إلّا بِدَوامِ الِاسْتِعانَةِ بِالرَّبِّ؛ فَإنَّهُ لا يَغْفُلُ عَنْ عَداوَتِكَ؛ فَلا تَغْفُلْ أنْتَ عَنْ مَوْلاكَ لَحْظَةً؛ ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّما يَدْعُو حِزْبَهُ﴾؛ أيْ: الَّذِينَ يُوَسْوِسُ لَهُمْ؛ فَيُعَرِّضُهم لِاتِّباعِهِ؛ والإعْراضِ عَنِ اللَّهِ؛ ﴿لِيَكُونُوا﴾؛ بِاتِّباعِهِ؛ كَوْنًا راسِخًا؛ ﴿مِن أصْحابِ السَّعِيرِ﴾؛ هَذا غَرَضُهُ؛ لا غَرَضَ لَهُ سِواهُ؛ ولَكِنَّهُ يَجْتَهِدُ في تَعْمِيَةِ ذَلِكَ عَنْهُمْ؛ بِأنْ يُقَرِّرَ في نُفُوسِهِمْ جانِبَ الرَّجاءِ؛ ويُنْسِيَهم جانِبَ الخَوْفِ؛ ويُرِيَهم أنَّ التَّوْبَةَ في أيْدِيهِمْ؛ ويُسَوِّفُ لَهم بِها؛ بِالفُسْحَةِ في الأمَلِ؛ والإبْعادِ في الأجَلِ؛ لِلْإفْسادِ في العَمَلِ؛ والرَّحْمَنُ - سُبْحانَهُ - إنَّما يَدْعُو عِبادَهُ لِيَكُونُوا مِن أهْلِ النَّعِيمِ: ﴿واللَّهُ يَدْعُو إلى دارِ السَّلامِ﴾ [يونس: ٢٥]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب