الباحث القرآني

ولَمّا كانَ ﷺ نَبِيَّ الرَّحْمَةِ؛ وكانَ الِاقْتِصارُ عَلى هَذا الوَصْفِ رُبَّما أوْهَمَ غَيْرَ ذَلِكَ؛ أتْبَعَهُ قَوْلَهُ - بَيانًا لِعَظَمَتِهِ ﷺ (p-٤١)بِالِالتِفاتِ إلى مَظْهَرِ العَظَمَةِ؛ لِأنَّ عَظَمَةَ الرَّسُولِ مِن عَظَمَةِ المُرْسِلِ؛ فَنِذارَتُهُ رَحْمَةٌ -: ﴿إنّا﴾؛ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ؛ ﴿أرْسَلْناكَ﴾؛ أيْ: إلى هَذِهِ الأُمَّةِ؛ إرْسالًا مَصْحُوبًا؛ ﴿بِالحَقِّ﴾؛ أيْ: الأمْرِ الكامِلِ في الثَّباتِ؛ الَّذِي يُطابِقُهُ الواقِعُ؛ فَإنَّ مَن نَظَرَ إلى كَثْرَةِ ما أُوتِيَهُ مِنَ الدَّلائِلِ؛ عَلِمَ مُطابَقَةَ الواقِعِ لِما تَأْمُرُ بِهِ؛ والتَّقْدِيرُ بِالمَصْدَرِ يُفْهِمُ أنَّ الرِّسالَةَ حَقٌّ؛ وكُلًّا مِنَ المُرْسِلِ؛ والرَّسُولِ؛ مُحِقٌّ؛ ﴿بَشِيرًا﴾؛ أيْ: لِمَن أطاعَ؛ ﴿ونَذِيرًا﴾؛ أيْ: لِمَن عَصى؛ والعَطْفُ بِالواوِ لِلدَّلالَةِ عَلى العَراقَةِ في كُلٍّ مِنَ الصِّفَتَيْنِ. ولَمّا كانَ مِمّا يُسَهِّلُ القِيادَ؛ ويُضْعِفُ الجِماحَ؛ التَّأْسِيَةُ؛ قالَ - مُؤَكِّدًا؛ دَفْعًا لِاسْتِبْعادِ الإرْسالِ إلى جَمِيعِ الأُمَمِ -: ﴿وإنْ﴾؛ أيْ: والحالُ أنَّهُ ما؛ ﴿مِن أُمَّةٍ﴾؛ مِنَ الأُمَمِ الماضِيَةِ؛ ﴿إلا خَلا فِيها نَذِيرٌ﴾؛ أرْسَلْناهُ إلَيْهِمْ بَشِيرًا؛ ونَذِيرًا؛ إمّا بِنَفْسِهِ؛ وإمّا بِما أبْقى في أعْقابِهِمْ مِن شَرائِعِهِ؛ مِن أقْوالِهِ؛ وأفْعالِهِ؛ ورُسُومِهِ؛ مَعَ ما لَهم مِنَ العُقُولِ الشّاهِدَةِ بِذَلِكَ؛ والنِّذارَةُ دالَّةٌ عَلى البِشارَةِ؛ واقْتَصَرَ عَلَيْها لِأنَّها هي الَّتِي تَقَعُ بِها التَّسْلِيَةُ لِما فِيها مِنَ المَشَقَّةِ؛ ولِأنَّ مِنَ الأنْبِياءِ الماضِينَ - عَلَيْهِمُ السَّلامُ - مَن تَمَحَّضَتْ دَعْوَتُهُ لِلنِّذارَةِ؛ لِأنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ أحَدٌ بِبِشارَتِهِ؛ لِعَدَمِ اتِّباعِ أحَدٍ مِنهم لَهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب