الباحث القرآني

﴿وقالُوا﴾ أيْ: عِنْدَ الأخْذِ ومُعايَنَةِ الثَّوابِ والعِقابِ ﴿آمَنّا بِهِ﴾ أيِ الَّذِي أُرِيدَ مِنّا الإيمانُ بِهِ (p-٥٣٧)وأبَيْناهُ، والأقْرَبُ أنْ يَكُونَ [القُرْآنُ] الَّذِي قالُوا إنَّهُ إفْكٌ مُفْتَرًى ﴿وأنّى﴾ أيْ وكَيْفَ ومِن أيْنَ ﴿لَهُمُ التَّناوُشُ﴾ أيْ تَناوُلُ الإيمانِ أوْ شَيْءٍ مِن ثَمَراتِهِ، وكَأنَّهُ عَبَّرَ بِهِ لِأنَّهُ يُطْلَقُ عَلى الرُّجُوعِ، فَكانَ المَعْنى أنَّ ذَلِكَ بَعُدَ عَلَيْهِمْ مِن جِهَةِ أنَّهُ لا يُمْكِنُ إلّا بِرُجُوعِهِمْ إلى الدُّنْيا الَّتِي هي دارُ العَمَلِ، وأنّى لَهم ذَلِكَ؟ وهو تَمْثِيلٌ لِحالِهِمْ - في طَلَبِهِمْ أنْ يَنْفَعَهم إيمانُهم في ذَلِكَ الوَقْتِ كَما نَفَعَ المُؤْمِنِينَ إيمانُهم في الدُّنْيا - بِحالِ مَن يُرِيدُ أنْ يَتَناوَلَ شَيْئًا مِن عُلْوِهِ كَما يَتَناوَلُهُ الآخَرُ مِن قَدْرِ ذِراعٍ تَناوُلًا سَهْلًا، لا نَصَبَ فِيهِ، ومَدَّهُ أبُو عَمْرٍو وحَمْزَةُ والكِسائِيُّ وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ لِهَمْزِهِمْ إيّاهُ فَقِيلَ: إنَّ الهَمْزَ عَلى الواوِ المَضْمُونَةِ كَما هُمِزَتْ في وُجُوهٍ ووُقِّتَتْ فَيَكُونُ لَفْظُهُ مُوافِقًا لِمَعْناهُ، والصَّحِيحُ أنَّهُ لَيْسَ مِن هَذا، لِأنَّ شَرْطَ هَمْزِ الواوِ المَضْمُومَةِ ضَمَّةً لازِمَةً أنْ لا يَكُونَ مُدْغَمًا فِيها إذا كانَتْ وسَطًا كالتَّعَوُّدِ، وأنْ لا يَصِحَّ في الفِعْلِ نَحْوُ تَناوَلَ وتَعاوَنَ، وقَدْ حُكِيَ عَنْ أبِي عَمْرٍو أنَّ مَعْناهُ بِالهَمْزِ التَّناوُلُ مِن بُعْدٍ، مِن قَوْلِهِمْ نَأشَ - بِالهَمْزِ - إذا أبْطَلَ وتَأخَّرَ، والنَّيْشُ حَرَكَةٌ في إبْطاءِ، والنَّأْشُ أيْضًا: الأخْذُ، فَيَكُونُ الهَمْزُ أصْلِيًّا، وقَرَأهُ الباقُونَ بِالواوِ مِثْلُ التَّناوُلِ لَفْظًا ومَعْنى، فَقِراءَةُ الواوِ المَحْضَةِ تُشِيرُ إلى أنَّهم يُرِيدُونَ تَناوُلًا سَهْلًا مَعَ بُعْدِ المُتَناوَلِ في المَكانِ، (p-٥٣٨)وقِراءَةُ الهَمْزِ إلى أنَّ إرادَتَهم تَأخَّرَتْ وأبْطَأتْ حَتّى فاتَ وقْتُها، فَجَمَعَتْ إلى بُعْدِ المَكانِ بُعْدَ الزَّمانِ. ولَمّا كانَ البَعِيدُ لا يُمْكِنُ الإنْسانَ تَناوُلُهُ مَعَ بُعْدِهِ قالَ: ﴿مِن مَكانٍ بَعِيدٍ﴾ فَإنَّهُ بَعْدَ كَشْفِ الغِطاءِ عِنْدَ مَجِيءِ البَأْسِ لا يَنْفَعُ الإيمانُ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب