الباحث القرآني

﴿قالُوا﴾ أيِ المَلائِكَةُ مُتَبَرِّئِينَ مِنهم مُفْتَتِحِينَ بِالتَّنْزِيهِ تَخَضُّعًا بَيْنَ يَدَيِ البَراءَةِ خَوْفًا مِن حُلُولِ السَّطْوَةِ ﴿سُبْحانَكَ﴾ أيْ نُنَزِّهُكَ تَنْزِيهًا يَلِيقُ بِجَلالِكَ عَنْ أنْ يَسْتَحِقَّ [أحَدٌ] غَيْرُكَ أنْ يُعْبَدَ. ولَمّا كانُوا كارِهِينَ جِدًّا لِعِبادَتِهِمْ، وكانَتْ فائِدَةُ العِبادَةِ الوُصْلَةَ بَيْنَ العابِدِ والمَعْبُودِ قالُوا: ﴿أنْتَ ولِيُّنا﴾ أيْ مَعْبُودُنا الَّذِي لا وُصْلَةَ بَيْنَنا وبَيْنَ أحَدٍ إلّا بِأمْرِهِ ﴿مِن دُونِهِمْ﴾ [أيْ مِن أقْرَبِ مَنزِلَةٍ لَكَ مِن مَنازِلِهِمْ مِنّا، فَأنْتَ أقْرَبُ شَيْءٍ إلَيْنا في كُلِّ مَعانِي الوِلايَةِ مِنَ العِلْمِ والقُدْرَةِ وغَيْرِهِما، فَكَيْفَ نَتْرُكُ الأقْرَبَ والأقْوى ونَتَوَلّى الأبْعَدَ العاجِزَ]، لَيْسَ بَيْنَنا وبَيْنَهم مِن وِلايَةٍ، بَلْ عَداوَةٍ، وكَذا كُلُّ (p-٥٢١)مَن تَقَرَّبَ إلى شَخْصٍ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ يُقَسِّي اللَّهُ قَلْبَهُ عَلَيْهِ ويُبَغِّضُهُ فِيهِ فَيُجافِيهِ ويُعادِيهِ. ولَمّا كانَ مَن يَعْمَلُ لِأحَدٍ عَمْلًا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ ولَمْ يَرْضَهُ إنَّما عَمِلَ في الحَقِيقَةِ لِلَّذِي دَعاهُ إلى ذَلِكَ العَمَلِ قالُوا: ﴿بَلْ كانُوا﴾ بِأفْعالِهِمُ الِاخْتِيارِيَّةِ المُوجِبَةِ لِلشِّرْكِ ﴿يَعْبُدُونَ الجِنَّ﴾ أيْ إبْلِيسَ وذُرِّيَّتَهُ الَّذِينَ زَيَّنُوا لَهم عِبادَتَنا مِن غَيْرِ رِضانا [بِذَلِكَ]، وكانُوا يَدْخُلُونَ في أجْوافِ الأصْنامِ ويُخاطِبُونَهم ويَسْتَجِيرُونَ بِهِمْ في الأماكِنِ المُخَوِّفَةِ، ومِن هَذا «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينارِ وعَبْدُ الدِّرْهَمِ وعَبْدُ القَطِيفَةِ؛» ثُمَّ اسْتَأْنَفُوا قَوْلَهُمْ: ﴿أكْثَرُهُمْ﴾ أيِ الإنْسُ ﴿بِهِمْ﴾ أيِ الجِنِّ ﴿مُؤْمِنُونَ﴾ أيْ راسِخُونَ في الإشْراكِ لا يَقْصِدُونَ بِعِبادَتِهِمْ غَيْرَهُمْ، وقَلِيلٌ مِنهم مَن يَقْصِدُ بِعِبادَتِهِ بِتَزْيِينِ الجِنِّ وغَيْرِهِمْ وهو راضٍ بِها، فَهي في الحَقِيقَةِ لِمَن زَيَّنَها لَهم مِنَ الجِنِّ، وهم مَعَ ذَلِكَ يُصَدِّقُونَ ما يَرُدُّ عَلَيْهِمْ مِن إخْباراتِ الجِنِّ عَلى ألْسِنَةِ الكُهّانِ وغَيْرِهِمْ مَعَ ما يَرَوْنَ فِيها مِنَ الكَذِبِ في كَثِيرٍ مِنَ الأوْقاتِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب