الباحث القرآني

(p-٣٦١)ولَمّا أنْتَجَ هَذا التَّسْهِيلَ لِما كانَ اسْتَصْعَبَهُ ﷺ والتَّأْمِينَ مِمّا كانَ خافَهُ، عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ مُؤَكِّدًا رَدًّا عَلى مَن يَظُنُّ خِلافَ ذَلِكَ: ﴿ما كانَ عَلى النَّبِيِّ﴾ أيِ الَّذِي مَنزِلَتُهُ مِنَ اللَّهِ الِاطِّلاعُ عَلى ما لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنَ الخَلْقِ ﴿مِن حَرَجٍ فِيما فَرَضَ﴾ أيْ قَدَّرَ ﴿اللَّهُ﴾ بِما لَهُ مِن صِفاتِ الكَمالِ وأوْجَبَهُ ﴿لَهُ﴾ لِأنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلى المُؤْمِنِينَ مُطْلَقًا حَرَجٌ في ذَلِكَ، فَكَيْفَ بِرَأْسِ المُؤْمِنِينَ، فَصارَ مَنفِيًّا عَنْهُ الحَرَجُ مَرَّتَيْنِ خُصُوصًا بَعْدَ عُمُومٍ تَشْرِيفًا لَهُ وتَنْوِيهًا بِشَأْنِهِ. ولَمّا كانَ مِمّا يُهَوِّنُ الأُمُورَ الصِّعابَ المُشارَكَةُ فِيها فَكَيْفَ إذا كانَتِ المُشارَكَةُ مِنَ الأكابِرِ، قالَ واضِعًا الِاسْمَ مَوْضِعَ مَصْدَرِهِ: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ﴾ أيْ سِنَّ المَلِكُ الَّذِي إذا سَنَّ شَيْئًا أتْقَنَهُ بِما لَهُ مِنَ العِزَّةِ والحِكْمَةِ فَلَمْ يَقْدِرْ أحَدٌ أنْ يُغَيِّرَ شَيْئًا مِنهُ ﴿فِي الَّذِينَ خَلَوْا﴾ وكَأنَّهُ أرادَ أنْ يَكُونَ أنْبِياءُ بَنِي إسْرائِيلَ عَلَيْهِمُ السَّلامُ أوْلى مُرادٍ بِهَذا، تَبْكِيتًا لِمُلْبِسِي أتْباعِهِمْ فَأدْخَلَ الجارَّ فَقالَ: ﴿مِن قَبْلُ﴾ أيْ مِنَ الأنْبِياءِ الأقْدَمِينَ في إباحَةِ التَّوْسِيعِ في النِّكاحِ لَهُمْ، وهو تَكْذِيبٌ لِلْيَهُودِ الَّذِينَ أنْكَرُوا ذَلِكَ، وإظْهارٌ لِتَلْبِيسِهِمْ. ولَمّا كانَ المُرادُ بِالنِّسْبَةِ الطَّرِيقَ الَّتِي قَضاها وشَرَعَها قالَ مُعْلِمًا (p-٣٦٢)بِأنَّ هَذا الزَّواجَ كانَ أمْرًا لا بُدَّ مِن وُقُوعِهِ لِإرادَتِهِ لَهُ في الأزَلِ فَلا يَعْتَرِضُ فِيهِ مُعْتَرِضٌ بِبِنْتِ شَفَةٍ يَحِلُّ بِهِ ما يَحِلُّ بِمَنِ اعْتَرَضَ عَلى أوامِرِ المَلِكِ، ولِأجْلِ الِاهْتِمامِ بِهَذا الإعْلامِ [اعْتَرَضَ بِهِ بَيْنَ الصِّفَةِ] والمَوْصُوفِ فَقالَ: ﴿وكانَ أمْرُ اللَّهِ﴾ أيْ قَضاءُ المَلِكِ الأعْظَمِ في ذَلِكَ وغَيْرِهِ مِن كُلِّ ما يَسْتَحِقُّ أنْ يَأْمُرَ بِهِ ويَهْدِيَ إلَيْهِ ويَحُثَّ عَلَيْهِ، وعَبَّرَ عَنِ السُّنَّةِ بِالأمْرِ تَأْكِيدًا لِأنَّهُ لا بُدَّ مِنهُ ﴿قَدَرًا﴾ وأكَّدَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿مَقْدُورًا﴾ أيْ لا خُلْفَ فِيهِ، ولا بُدَّ مِن وُقُوعِهِ في حِينِهِ الَّذِي حَكَمَ بِكَوْنِهِ فِيهِ، وهو مُؤَيَّدٌ أيْضًا لِقَوْلِ زَيْنِ العابِدِينَ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب