الباحث القرآني

ولَمّا ذَكَرَ صِفَةَ الرَّحِيمِيَّةِ صَرِيحًا لِاقْتِضاءِ المَقامِ إيّاها، أشارَ إلى صِفَةِ الرَّحْمانِيَّةِ فَقالَ: ﴿الَّذِي أحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ ولَمّا كانَ هَذا الإحْسانُ عامًّا، خَصَّهُ بِأنْ وصَفَهُ - عَلى قِراءَةِ المَدَنِيِّ والكُوفِيِّ - بِقَوْلِهِ: ﴿خَلَقَهُ﴾ فَبَيَّنَ أنَّ ذَلِكَ بِالإتْقانِ والإحْكامِ، كَما فَسَّرَ بِهِ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما مِن حَيْثُ التَّشْكِيلُ والتَّصْوِيرُ، وشَقُّ المَشاعِرِ، وتَهْيِئَةُ المَدارِكِ، وإفاضَةُ (p-٢٤٤)المَعانِي، مَعَ المُفاوَتَةِ في جَمِيعِ ذَلِكَ، وإلى هَذا أشارَ الإبْدالُ في قِراءَةِ الباقِينَ، وعَبَّرَ بِالحُسْنِ لِأنَّ ما كانَ عَلى وجْهِ الحِكْمَةِ كانَ حَسَنًا وإنْ رَآهُ الجاهِلُ القاصِرُ قَبِيحًا. ولَمّا كانَ الحَيَوانُ أشْرَفَ الأجْناسِ، وكانَ الإنْسانُ أشْرَفَهُ، خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِيَقُومَ دَلِيلُ الوَحْدانِيَّةِ بِالأنْفُسِ كَما قامَ قَبْلُ بِالآفاقِ، فَقالَ دالًّا عَلى البَعْثِ: ﴿وبَدَأ خَلْقَ الإنْسانِ﴾ أيِ الَّذِي هو المَقْصُودُ الأوَّلُ بِالخِطابِ بِهَذا القُرْآنِ ﴿مِن طِينٍ﴾ أيْ مِمّا لَيْسَ لَهُ أصْلٌ في الحَياةِ بِخَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب