الباحث القرآني

(p-٢٦١)ولَمّا كانَ المُؤْمِنُونَ الآنَ يَتَمَنَّوْنَ إصابَتَهم بِشَيْءٍ مِنَ الهَوانِ في هَذِهِ الدّارِ، لِأنَّ نُفُوسَ البَشَرِ مَطْبُوعَةٌ عَلى العَجَلَةِ، بَشَّرَهم بِذَلِكَ عَلى وجْهٍ يَشْمَلُ عَذابَ القَبْرِ، فَقالَ مُؤَكِّدًا [لَهُ] لِما عِنْدَهم مِنَ الإنْكارِ لِعَذابِ ما بَعْدَ المَوْتِ ولِلْإصابَةِ في الدُّنْيا بِما هم مِنَ الكَثْرَةِ والقُوَّةِ: ﴿ولَنُذِيقَنَّهُمْ﴾ أيْ أجْمَعِينَ بِالمُباشَرَةِ والتَّسْبِيبِ، بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ الَّتِي تَتَلاشى عِنْدَها كَثْرَتُهم وقُوَّتُهم ﴿مِنَ العَذابِ الأدْنى﴾ أيْ قَبْلَ يَوْمِ القِيامَةِ، بِأيْدِيكم وغَيْرِها، وقَدْ صَدَقَ اللَّهُ قَوْلَهُ، وقَدْ كانُوا عِنْدَ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ بِمَكَّةَ المُشَرَّفَةِ في غايَةِ الكَثْرَةِ والنِّعْمَةِ، فَأذاقَهُمُ الجَدْبَ سِنِينَ مُتَوالِيَةً، وفَرَّقَ شَمَلَهم وقَتَلَهم وأسَرَهم بِأيْدِي المُؤْمِنِينَ إلى غَيْرِ ذَلِكَ بِما أرادَ سُبْحانَهُ؛ ثُمَّ أكَّدَ الإرادَةَ لِما قَبْلَ الآخِرَةِ وحَقَّقَها بِقَوْلِهِ، مُعَبِّرًا بِما يَصْلُحُ لِلْغَيْرِيَّةِ والسُّفُولِ: ﴿دُونَ العَذابِ الأكْبَرِ﴾ أيِ الَّذِي مَرَّ ذِكْرُهُ في الآخِرَةِ ﴿لَعَلَّهم يَرْجِعُونَ﴾ أيْ لِيَكُونَ حالُهم حالَ مَن يُرْجى رُجُوعُهُ عَنْ فِسْقِهِ عِنْدَ مَن يُنْظِرُهُ، وقَدْ كانَ ذَلِكَ، رَجَعَ كَثِيرٌ مِنهم خَوْفًا مِنَ السَّيْفِ، فَلَمّا رَأوْا مَحاسِنَ الإسْلامِ كانُوا مِن أشَدِّ النّاسِ فِيهِ رَغْبَةً ولَهُ حُبًّا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب