الباحث القرآني

﴿وأمّا الَّذِينَ فَسَقُوا﴾ أيْ خَرَجُوا عَنْ دائِرَةِ الإيمانِ الَّذِي هو مَعْدِنُ التَّواضُعِ وأهْلٌ لِلْمُصاحَبَةِ والمُلازَمَةِ ﴿فَمَأْواهُمُ النّارُ﴾ أيِ الَّتِي لا صَلاحِيَةَ فِيها لِلْإيواءِ بِوَجْهٍ (p-٢٦٠)مِنَ الوُجُوهِ أصْلًا. ولَمّا كانَ السّامِعُ جَدِيرًا بِالعِلْمِ بِأنَّهم مُجْتَهِدُونَ في الخَلاصِ مِنها، قالَ مُسْتَأْنِفًا لِشَرْحِ حالِهِمْ: ﴿كُلَّما أرادُوا﴾ [أيْ] وهم مُجْتَمِعُونَ فَكَيْفَ إذا أرادَ بَعْضُهم ﴿أنْ يَخْرُجُوا مِنها﴾ وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّهُ يُزادُ في عَذابِهِمْ بِأنْ يُخَيَّلَ إلَيْهِمْ ما يَظُنُّونَ بِهِ القُدْرَةَ عَلى الخُرُوجِ مِنها كَما كانُوا يَخْرُجُونَ [بِفُسُوقِهِمْ مِن مُحِيطِ الأدِلَّةِ و] مِن دائِرَةِ الطّاعاتِ إلى بَيْداءِ المَعاصِي والزَّلّاتِ، فَيُعالِجُونَ الخُرُوجَ فَإذا ظَنُّوا أنَّهُ تَيَسَّرَ لَهم وهم بَعْدُ في غَمَراتِها ﴿أُعِيدُوا﴾ بِأيْسَرِ أمْرٍ وأسْهَلِهِ مِن أيِّ مَن أمَرَ بِذَلِكَ ﴿فِيها﴾ إلى المَكانِ الَّذِي كانُوا فِيهِ أوَّلًا، ولا يَزالُ هَذا دَأْبَهم أبَدًا ﴿وقِيلَ﴾ أيْ مِن أيِّ قائِلٍ وُكِّلَ بِهِمْ ﴿لَهُمْ﴾ أيْ عِنْدَ الإعادَةِ إهانَةً لَهُ: ﴿ذُوقُوا عَذابَ النّارِ﴾ ولَمّا وصَفَ عَذابَهم في النّارِ كانَ أحَقَّ بِالوَصْفِ عِنْدَ بَيانِ سَبَبِ الإهانَةِ بِالأمْرِ بِالذَّوْقِ مَعَ أنَّهُ أحَقُّ مِن حَيْثُ كَوْنِهِ مُضافًا مُحَدَّثًا عَنْهُ فَقالَ: ﴿الَّذِي كُنْتُمْ﴾ أيْ كَوْنًا هو لَكم كالجِبِلّاتِ، وأشارَ إلى أنَّ تَكْذِيبَهم بِهِ يَتَلاشى عِنْدَهُ كُلُّ تَكْذِيبٍ، فَكَأنَّهُ مُخْتَصٌّ فَقالَ: ﴿بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ فَإنَّ الإعادَةَ بَعْدَ مُعالَجَةِ الخُرُوجِ أمْكَنُ في التَّصْدِيقِ بِاعْتِبارِ التَّجَدُّدِ في كُلِّ آنٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب