الباحث القرآني

ولَمّا كانَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿بَلْ هم بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ﴾ [السجدة: ١٠] قَدْ أشارَ إلى أنَّ الحامِلَ لَهم عَلى الكُفْرِ الكِبَرُ، وذَكَرَ سُبْحانَهُ أنَّهُ قَسَّمَ النّاسَ قِسْمَيْنِ (p-٢٥٤)لِأجْلِ الدّارَيْنِ، تَشَوَّفَتِ النَّفْسُ إلى ذِكْرِ عَلامَةِ أهْلِ الإيمانِ كَما ذُكِرَتْ عَلامَةُ أهْلِ الكُفْرانِ، فَقالَ مُعَرِّفًا أنَّ المُجْرِمِينَ لا سَبِيلَ إلى إيمانِهِمْ ﴿ولَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ﴾ [الأنعام: ٢٨] ﴿إنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنا﴾ الدّالَّةِ عَلى عَظَمَتِنا ﴿الَّذِينَ إذا ذُكِّرُوا بِها﴾ مِن أيِّ مُذَكِّرٍ كانَ، في أيِّ وقْتٍ كانَ، قَبْلَ كَشْفِ الغِطاءِ وبَعْدَهُ ﴿خَرُّوا سُجَّدًا﴾ أيْ بادَرُوا إلى السُّجُودِ مُبادَرَةَ مَن كَأنَّهُ سَقَطَ مِن غَيْرِ قَصْدٍ، خُضَّعًا لِلَّهِ مِن شِدَّةِ تَواضُعِهِمْ وخَشْيَتِهِمْ وإخْباتِهِمْ لَهُ خُضُوعًا ثابِتًا دائِمًا ﴿وسَبَّحُوا﴾ أيْ أوْقَعُوا التَّنْزِيهَ عَنْ كُلِّ شائِبَةِ نَقْصٍ مِن تَرْكِ العَبَثِ المُؤَدِّي إلى تَضْيِيعِ الحِكْمَةِ ومَن غَيْرِهِ مُتَلَبِّسِينَ ﴿بِحَمْدِ﴾ ولَفْتَ الكَلامَ إلى الصِّفَةِ المُقْتَضِيَةِ لِتَنْزِيهِهِمْ وحَمْدِهِمْ تَنْبِيهًا لَهم فَقالَ: ﴿رَبِّهِمْ﴾ أيْ بِإثْباتِهِمْ لَهُ الإحاطَةَ بِصِفاتِ الكَمالِ، ولَمّا تَضَمَّنَ هَذا تَواضُعَهُمْ، صَرَّحَ بِهِ في قَوْلِهِ: ﴿وهم لا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ أيْ لا يُجَدِّدُونَ طَلَبَ الكِبَرِ عَنْ شَيْءٍ مِمّا دَعاهم إلَيْهِ الهادِي ولا يُوجِدُونَهُ خُلُقًا لَهم راسِخًا في ضَمائِرِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب