الباحث القرآني

ثُمَّ وصَفَهم في سِياقِ الرَّحْمَةِ والحِكْمَةِ والبَيانِ بِالعَدْلِ بَيانًا لَهم بِما دَعَتْ إلَيْهِ سُورَةُ الرُّومِ مِن كَمالِ الإحْسانِ في مُعامَلَةِ الحَقِّ والخَلْقِ اعْتِقادًا وعَمَلًا فَقالَ: ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ أيْ يَجْعَلُونَها كَأنَّها قائِمَةٌ بِفِعْلِها بِسَبَبِ إتْقانِ جَمِيعِ ما أُمِرَ بَعْدُ فِيها ونُدِبَ إلَيْهِ، وتَوَقَّفَتْ بِوَجْهٍ عَلَيْهِ، عَلى سَبِيلِ التَّجْدِيدِ في الأوْقاتِ المُناسِبَةِ لَها والِاسْتِمْرارِ، ولَمْ يَدَعْ إلى التَّعْبِيرِ بِالوَصْفِ كالمُقِيمِينَ داعٍ لِيَدُلَّ عَلى الرُّسُوخِ لِأنَّ المُحْسِنَ هو الرّاسِخُ في الدِّينِ رُسُوخًا جَعَلَهُ كَأنَّهُ يَرى المَعْبُودَ ودَخَلَ فِيها الحَجُّ لِأنَّهُ لا يُعَظِّمُ البَيْتُ في كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرّاتٍ إلّا مُعَظِّمٌ لَهُ بِالحَجِّ فِعْلًا أوْ قُوَّةً ﴿ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ﴾ أيْ كُلَّها فَدَخَلَ فِيها الصَّوْمُ لِأنَّهُ لا يُؤَدِّي زَكاةَ الفِطْرِ إلّا مَن صامَهُ قُوَّةً أوْ فِعْلًا. ولَمّا كانَ الإيمانُ أساسَ هَذِهِ الأرْكانِ، وكانَ الإيمانُ بِالبَعْثِ جامِعًا لِجَمِيعِ أنْواعِهِ، وحامِلًا عَلى سائِرِ وُجُوهِ الإحْسانِ، وكانَ قَدْ خَتَمَ الرُّومُ بِالإعْراضِ أصْلًا عَمَّنْ لَيْسَ فِيهِ أهْلِيَّةُ الإيقانِ، قالَ: ﴿وهُمْ﴾ أيْ خاصَّةٍ (p-١٤٥)لِكَمالِهِمْ فِيما دَخَلُوا فِيهِ مِن هَذِهِ المَعانِي ﴿بِالآخِرَةِ﴾ الَّتِي تَقَدَّمَ أنَّ المُجْرِمِينَ عَنْها غافِلُونَ ﴿هم يُوقِنُونَ﴾ أيْ مُؤْمِنُونَ بِها إيمانَ مُوقِنٍ فَهم لا يَفْعَلُ شَيْئًا الإيمانُ بِها، ولا يَغْفُلُ عَنْها طَرْفَةَ عَيْنٍ، فَهو في الذِّرْوَةِ العُلْيا مِن ذَلِكَ، فَهو يَعْبُدُ اللَّهَ كَأنَّهُ يَراهُ، فَآيَةُ البَقَرَةِ بِدايَةٌ. وهَذِهِ نِهايَةٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب