الباحث القرآني

ولَمّا ثَبَتَ بِهَذِهِ الأوْصافِ الحُسْنى والأفْعالِ العُلى أنَّهُ لا مُوجِدَ بِالحَقِيقَةِ إلّا اللَّهُ قالَ: ﴿ذَلِكَ﴾ أيْ ذِكْرُهُ لِما مِنَ الأفْعالِ الهائِلَةِ والأوْصافِ الباهِرَةِ ﴿بِأنَّ﴾ [أيْ] بِسَبَبِ أنَّ ﴿اللَّهَ﴾ [أيِ] الَّذِي لا عَظِيمَ سِواهُ ﴿هُوَ﴾ وحْدَهُ ﴿الحَقُّ﴾ أيِ الثّابِتُ بِالحَقِيقَةِ وثُبُوتُ غَيْرِهِ في الواقِعِ عَدَمٌ، لِأنَّهُ مُسْتَفادٌ مِنَ الغَيْرِ، ولَيْسَ لَهُ الثُّبُوتُ مِن ذاتِهِ، ومِنهُ ما أشْرَكُوا بِهِ، ولِذَلِكَ أفْرَدَهُ بِالنَّصِّ، فَقالَ صارِفًا لِلْخِطابِ (p-٢٠٣)الماضِي إلى الغَيْبَةِ عَلى قِراءَةِ البَصْرِيِّينَ وحَمْزَةَ وحَفْصٍ عَنْ عاصِمٍ إيذانًا بِالغَضَبِ، وقِراءَةُ الباقِينَ عَلى الأُسْلُوبِ الماضِي ﴿وأنَّ ما يَدْعُونَ﴾ أيْ هَؤُلاءِ المَخْتُومُ عَلى مَدارِكِهِمْ، وأشارَ إلى سُفُولِ رُتْبَتِهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن دُونِهِ﴾ ولَمّا تَقَدَّمَتِ الأدِلَّةُ الكَثِيرَةُ عَلى بُطْلانِ آلِهَتِهِمْ بِما لا مَزِيدَ عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ ﴿هَذا خَلْقُ اللَّهِ فَأرُونِي ماذا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ﴾ [لقمان: ١١] وأكْثَرَ هُنا مِن إظْهارِ الجَلالَةِ مَوْضِعَ الإضْمارِ تَنْبِيهًا عَلى عَظِيمِ المَقامِ فَلَمْ تَدْعُ حاجَةٌ إلى التَّأْكِيدِ بِضَمِيرِ الفَصْلِ فَقالَ: ﴿الباطِلُ﴾ أيِ العَدَمِ حَقًّا، لا يَسْتَحِقُّ أنْ تُضافَ إلَيْهِ الإلَهِيَّةُ بِوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ، وإلّا لَمَنَعَ [مِن] شَيْءٍ مِن هَذِهِ الأفْعالِ مَرَّةً مِنَ المَرّاتِ، فَلَمّا وُجِدَتْ عَلى هَذا النِّظامِ عُلِمَ أنَّهُ الواحِدُ الَّذِي لا مُكافِئَ لَهُ. ولَمّا كانُوا يُعْلُونَها عَنْ مَراتِبِها ويُكَبِّرُونَها بِغَيْرِ حَقٍّ، قالَ: ﴿وأنَّ اللَّهَ﴾ أيِ المَلِكَ الأعْظَمَ وحْدَهُ، ولَمّا كانَ النَّيِّرانِ مِمّا عُبِدَ مِن دُونِ اللَّهِ، وكانا قَدْ جَمَعا عُلُوًّا وكِبَرًا، وكانَ لَيْسَ لَهُما مِن ذاتِهِما إلّا العَدَمُ فَضْلًا عَنِ السُّفُولِ والصِّغَرِ، خَتَمَ بِقَوْلِهِ: ﴿هُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾ أيْ عَنْ أنْ يُدايِنَهُ في عَلْيائِهِ ضِدٌّ، أوْ يُبارِيَهُ في كِبْرِيائِهِ نِدٌّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب