الباحث القرآني

ولَمّا تَشُوفُ المُسْلِمُ إلى إهْلاكِ مَن هَذا شَأْنُهُ وإلى العِلْمِ بِمُدَّةِ ذَلِكَ، وكانَ مِن طَبْعِ الإنْسانِ العَجَلَةُ، أجابَ مَن يَسْتَعْجِلُ بِقَوْلِهِ عائِدًا إلى مَظْهَرِ العَظَمَةِ الَّتِي يَتَقاضاها إذْلالُ العَدُوِّ وإعْزازُ الوَلِيٍّ: ﴿نُمَتِّعُهم قَلِيلا﴾ (p-١٩٢)[أيْ] مِنَ الزَّمانِ ومِنَ الحُظُوظِ وإنْ جَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ مَن لا عِلْمَ لَهُ، فَلا تَشْغَلُوا أنْفُسَكم بِالِاسْتِعْجالِ عَلَيْهِمْ فَإنَّ كُلَّ آتٍ قَرِيبٌ. ولَمّا كانَ إلْجاءُ المُتَجَبِّرِينَ إلى العَذابِ أمْرًا مُسْتَبْعَدًا، أشارَ بِأداةِ البُعْدِ إلى ما يَحْصُلُ عِنْدَهُ مِن صِفاتِ الجَلالِ، الَّتِي تُذِلُّ الرِّجالَ، وتَدُكُّ الجِبالَ، وفِيهِ أيْضًا إشارَةٌ إلى اسْتِطالَةِ المُحْسِنِينَ مِن تَمْتِيعِهِمْ وإنْ كانَ قَلِيلًا في الواقِعِ، أوْ عِنْدَ اللَّهِ فَقالَ: ﴿ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ﴾ أيْ نَأْخُذُهم أخْذًا لا يَقْدِرُونَ عَلى الِانْفِكاكِ عَنْهُ بِنَوْعِ حِيلَةٍ، وأشارَ إلى طُولِ إذْلالِهِمْ في مُدَّةِ السَّوْقِ بِحَرْفِ الغايَةِ، فَكانَ المَعْنى: فَنُصَيِّرُهم بِذَلِكَ الأخْذِ ﴿إلى عَذابٍ غَلِيظٍ﴾ أيْ شَدِيدٍ ثَقِيلٍ، لا يَنْقَطِعُ عَنْهم أصْلًا ولا يَجِدُونَ لَهم مِنهُ مَخْلَصًا مِن جِهَةٍ مِن جِهاتِهِ، فَكَأنَّهُ في شِدَّتِهِ وثِقَلِهِ جِرْمٌ غَلِيظٌ جِدًّا إذا بَرَكَ عَلى شَيْءٍ لا يَقْدِرُ عَلى الخَلاصِ مِنهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب