الباحث القرآني
(p-١٧١)ولَمّا فَرَغَ مِن تَأْكِيدِ ما قالَهُ لُقْمانُ عَلَيْهِ السَّلامُ في الشُّكْرِ والشِّرْكِ فَعَلِمَ ما أُوتِيَ مِنَ الحِكْمَةِ، وخَتَمَهُ بَعْدَ الوَصِيَّةِ بِطاعَةِ الوالِدِ بِذِكْرِ دَقِيقِ الأعْمالِ وجَلِيلِها، وأنَّها في عِلْمِ اللَّهِ سَواءٌ، حَسُنَ [جِدًّا] الرُّجُوعُ إلى تَمامِ بَيانِ حِكْمَتِهِ، فَقالَ بادِئًا بِما يُناسِبُ ذَلِكَ مِن دَقِيقِ العِلْمِ ومُحِيطِهِ المُكَمِّلِ لِمَقامِ التَّوْحِيدِ، وعَبَّرَ بِمِثْقالِ الحَبَّةِ لِأنَّهُ أقَلُّ ما يَخْطُرُ غالِبًا بِالبالِ، وهي مِن أعْظَمِ حاثٍّ عَلى التَّوْحِيدِ الَّذِي مَضى تَأْسِيسُهُ: ﴿يا بُنَيَّ﴾ مُتَحَبِّبًا مُسْتَعْطِفًا، مُصَغِّرًا لَهُ بِالنِّسْبَةِ إلى حَمْلِ شَيْءٍ مِن غَضَبِ اللَّهِ تَعالى مُسْتَضْعِفًا: ﴿إنَّها﴾ أيِ العَمَلَ، وأنَّثَ لِأنَّهُ في مَقامِ التَّقْلِيلِ والتَّحْقِيرِ، والتَّأْنِيثُ أوْلى بِذَلِكَ، ولِأنَّهُ يُؤَوَّلُ بِالطّاعَةِ والمَعْصِيَةِ والحَسَنَةِ والسَّيِّئَةِ ﴿إنْ تَكُ﴾ وأسْقَطَ النُّونَ لِغَرَضِ الإيجازِ في الإيصاءِ بِما يُنِيلُ المَفازَ، والدَّلالَةِ عَلى أقَلِّ الكَوْنِ وأصْغَرِهِ ﴿مِثْقالَ﴾ أيْ وزْنٌ، ثُمَّ حَقَّرَها بِقَوْلِهِ: ﴿حَبَّةٍ﴾ وزادَ في ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن خَرْدَلٍ﴾ هَذا عَلى قِراءَةِ الجُمْهُورِ بِالنَّصْبِ، ورَفَعَ المَدَنِيّانِ عَلى مَعْنى أنَّ الشَّأْنَ والقِصَّةَ العَظِيمَةَ أنْ تُوجَدَ في وقْتٍ مِنَ الأوْقاتِ هَنَةٌ هي أصْغَرُ شَيْءٍ وأحْقَرُهُ - بِما أشارَ إلَيْهِ التَّأْنِيثُ.
ولَمّا كانَ قَدْ عُرِفَ [أنَّ] السِّياقَ لِماذا أثْبَتَ النُّونَ في قَوْلِهِ مُسَبَّبًا عَنْ صِغَرِها: ﴿فَتَكُنْ﴾ إشارَةٌ إلى ثَباتِها في مَكانِها. ولِيَزْدادَ تَشَوُّفُ النَّفْسِ إلى مَحَطِّ الفائِدَةِ ويَذْهَبُ الوَهْمُ كُلَّ مَذْهَبٍ لِما عَلِمَ مِن (p-١٧٢)أنَّ المَقْصِدَ عَظِيمٌ بِحَذْفِ النُّونِ وإثْباتِ هَذِهِ، وعَسَّرَها بَعْدَ أنْ حَقَّرَها بِقَوْلِهِ مُعَبِّرًا عَنْ أعْظَمِ الخَفاءِ وأتَمِّ الإحْرازِ: ﴿فِي صَخْرَةٍ﴾ أيْ أيِّ صَخْرَةٍ كانَتْ ولَوْ أنَّها أشَدُّ الصُّخُورِ وأقْواها وأصْغَرُها وأخْفاها.
ولَمّا أخْفى وضَيَّقَ، أظْهَرَ ووَسَّعَ، ورَفَعَ وخَفَضَ، لِيَكُونَ أعْظَمَ لِضَياعِها لِحَقارَتِها فَقالَ: ﴿أوْ في السَّماواتِ﴾ أيْ في أيِّ مَكانٍ كانَ مِنها عَلى سَعَةِ أرْجائِها وتَباعُدِ أنْحائِها، وأعادَ ”أوْ“ نَصًّا عَلى إرادَةِ كُلٍّ مِنهُما عَلى حِدَتِهِ، والجارُّ تَأْكِيدًا لِلْمَعْنى، فَقالَ: ﴿أوْ في الأرْضِ﴾ [أيْ] كَذَلِكَ، وهَذا كَما تَرى لا يَنْفِي أنْ تَكُونَ الصَّخْرَةُ فِيهِما أوْ في إحْداهُما، وعَبَّرَ لَهُ بِالِاسْمِ الأعْظَمِ لِعُلُوِّ المَقامِ فَقالَ: ﴿يَأْتِ بِها اللَّهُ﴾ بِعِظَمِ جَلالِهِ، وباهِرِ كِبْرِيائِهِ وكَمالِهِ، بِعَيْنِها لا يَخْفى عَلَيْهِ ولا يَذْهَبُ شَيْءٌ مِنها، فَيُحاسِبُ عَلَيْها، ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ مِن عِلْمِهِ وقُدْرَتِهِ بِقَوْلِهِ مُؤَكِّدًا إشارَةً إلى [أنَّ] إنْكارَ ذَلِكَ لِما لَهُ مِن باهِرِ العَظَمَةِ مِن دَأْبِ النُّفُوسِ إنْ [لَمَ] يَصْحَبْها التَّوْفِيقُ: ﴿إنَّ اللَّهَ﴾ فَأعادَ الِاسْمَ الأعْظَمَ تَنْبِيهًا عَلى اسْتِحْضارِ العَظَمَةِ وتَعْمِيمًا لِلْحُكْمِ ﴿لَطِيفٌ﴾ أيْ عَظِيمٌ المَتِّ (p-١٧٣)بِالوُجُوهِ الخَفِيَّةِ الدَّقِيقَةِ الغامِضَةِ في بُلُوغِهِ إلى أمْرٍ أرادَهُ حَتّى بِضِدِّ الطَّرِيقِ المُوصِلِ فِيما يَظْهَرُ لِلْخَلْقِ ﴿خَبِيرٌ﴾ بالِغُ العِلْمِ بِأخْفى الأشْياءِ فَلا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ، ولا يَفُوتُهُ أمْرٌ.
{"ayah":"یَـٰبُنَیَّ إِنَّهَاۤ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةࣲ مِّنۡ خَرۡدَلࣲ فَتَكُن فِی صَخۡرَةٍ أَوۡ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ أَوۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ یَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِیفٌ خَبِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











