الباحث القرآني

ولَمّا كانَ تَكْرارُ مُشاهَدَتِهِمْ لِمِثْلِ هَذا الِاقْتِدارِ لا يُفِيدُهم عِلْمًا بِاللَّهِ تَعالى، دَلَّ عَلى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ، لافِتًا الكَلامَ إلى سِياقِ العَظَمَةِ تَنْبِيهًا عَلى عَظِيمِ عَفْوِهِ سُبْحانَهُ مَعَ تَمامِ القُدْرَةِ، مُؤَكِّدًا لَهُ غايَةَ التَّأْكِيدِ، تَنْبِيهًا عَلى أنَّهُ لَيْسَ مِن شَأْنِ العُقَلاءِ عَدَمُ الِاسْتِفادَةِ بِالمَواعِظِ، مُعَبِّرًا بِأداةِ الشَّكِّ، تَنْبِيهًا عَلى أنَّ إنْعامَهُ أكْثَرُ مِنِ انْتِقامِهِ، مُؤَكِّدًا بِالقَسَمِ لِإنْكارِهِمُ الكُفْرَ: ﴿ولَئِنْ أرْسَلْنا﴾ بَعْدَ وُجُودِ هَذا الأثَرِ الحَسَنِ ﴿رِيحًا﴾ عَقِيمًا ﴿فَرَأوْهُ﴾ أيِ الأثَرَ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلرِّيحِ مِنَ التَّعْبِيرِ بِالسَّبَبِ عَنِ المُسَبَّبِ ﴿مُصْفَرًّا﴾ قَدْ ذَبُلَ وأخَذَ في التَّلَفِ مِن شِدَّةِ يُبْسِ الرِّيحِ إمّا بِالحَرِّ أوِ البَرْدِ ﴿لَظَلُّوا﴾ أيْ لَدامُوا وعِزَّتِنا لَها يُجَدِّدُونَ الكُفْرَ أبَدًا وإنْ كانَ ”ظَلَّ“ مَعْناهُ: دامَ نَهارًا، وعَبَّرَ بِالماضِي مَوْضِعَ المُسْتَقْبَلِ نَحْوُ ”لِيَظَلَّنَّ واللَّهِ“ تَأْكِيدًا لِتَحْقِيقِهِ، ولَعَلَّهُ عَبَّرَ بِالظُّلُولِ لِأنَّ مُدَّةَ النَّوْمِ لا تَجْدِيدَ فِيها لِلْكُفْرِ، ولِذَلِكَ أتى فِيها بِحَرْفِ التَّبْعِيضِ حَيْثُ قالَ: ﴿مِن بَعْدِهِ﴾ أيْ بَعْدَ اصْفِرارِهِ ﴿يَكْفُرُونَ﴾ بِيَأْسِهِمْ مِن رَوْحِ اللَّهِ وجُحُودِهِمْ لِما أسْلَفَ إلَيْهِمْ مِنَ النِّعَمِ بَعْدَ ما تَكَرَّرَ مِن تَعَرُّفِهِ سُبْحانَهُ (p-١٢٤)إلَيْهِمْ بِالإحْسانِ، بَعْدَ [ما] التَقَتْ حَلْقَتا البِطانِ، وكانَ وكانَ فَلا هم عِنْدَ السَّرّاءِ بِالرَّحْمَةِ شَكَرُوا، وعِنْدَ الضَّرّاءِ بِالنِّقْمَةِ صَبَرُوا، بَلْ لَمْ يَزِيدُوا هُناكَ عَلى الِاسْتِبْشارِ، ولا نَقَصُوا هُنا شَيْئًا مِن تَجْدِيدِ الكُفْرِ والإصْرارِ، فَلَمْ يَزالُوا لِعَدَمِ اسْتِبْصارِهِمْ عَلى الحالَةِ المَذْمُومَةِ، ولَمْ يَسْبِقُوا في إزالَةِ النِّقَمِ، [ولا إنالَةِ النِّعَمِ، فَكانُوا أضَلَّ مِنَ النَّعَمِ].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب