الباحث القرآني
ولَمّا ذَكَرَ ما يَدُلُّ عَلى خُصُوصِ التَّنْزِيهِ، أتْبَعَهُ ما يُعْرَفُ بِعُمُومِ الكَمالِ، فَقالَ ذاكِرًا لِوَقْتِ كَمالِ النَّهارِ وكَمالِ الظَّلامِ، وتَذْكِيرًا بِما يَحْدُثُ عِنْدَهُما لِلْآدَمِيِّ مِنَ النَّقْصِ بِالفُتُورِ والنَّوْمِ اعْتِراضًا بَيْنَ الأوْقاتِ لِلِاهْتِمامِ بِضَمِّ التَّحْمِيدِ إلى التَّسْبِيحِ: ﴿ولَهُ﴾ أيْ وحْدَهُ [مَعَ] النَّزاهَةِ عَنْ شَوائِبِ النَّقْصِ ﴿الحَمْدُ﴾ أيِ الإحاطَةُ بِأوْصافِ الكَمالِ.
ولَمّا قَدَّمَ سُبْحانَهُ أنَّ تَنَزُّهَهُ مَلَأ الأزْمانَ، وكانَ ذَلِكَ مُسْتَلْزِمًا (p-٦١)لِمَلْءِ الأكْوانِ، وكانَ إثْباتُ الكَمالِ أبْيَنُ شَرَفًا مِنَ التَّنْزِيهِ عَنِ النَّقْصِ، صَرَّحَ فِيهِ بِالقَبِيلَيْنِ فَقالَ: ﴿فِي السَّماواتِ﴾ أيِ الأجْرامُ العالِيَةُ كُلُّها الَّتِي تَحْرِيكُها - مَعَ أنَّها مِنَ الكِبَرِ في حَدٍّ لا يُحِيطُ بِهِ إلّا هو سُبْحانَهُ - سَبَبٌ لِلْإمْساءِ والإصْباحِ وغَيْرِهِما مِنَ المَنافِعِ ﴿والأرْضِ﴾ الَّتِي فِيها مِنَ المَنافِعِ ما يَجِلُّ عَنْ إحاطَتِكم بِهِ مَعَ أنَّها بِالنِّسْبَةِ إلى السَّماءِ كَحَلْقَةٍ مُلْقاةٍ في فَلاةٍ، ولَوْلا ذَلِكَ لَظَهَرَ لَكم ذَلِكَ بِرُؤْيَةٍ ما وراءَها [هُوَ] شَأْنُ كُلِّ مُظِلٍّ مَعَ كُلِّ مُقِلٍّ كَما تُشاهِدُونَ السَّحابَ ونَحْوَهُ.
ولَمّا خَصَّ الإمْساءَ والإصْباحَ، عَمَّ فَقالَ مُعَبِّرًا بِما يَدُلُّ عَلى الدَّوامِ، لِأنَّ وقْتَ النَّوْمِ الدّالَّ عَلى النَّقْصِ أوْلى بِإثْباتِ الكَمالِ فِيهِ: ﴿وعَشِيًّا﴾ أيْ مِنَ الزَّوالِ إلى الصَّباحِ ﴿وحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ أيْ تَدْخُلُونَ في شِدَّةِ الحَرِّ، وسُبْحانَهُ اللَّهِ في ذَلِكَ كُلِّهِ، فالآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ: ذَكَرَ التَّسْبِيحَ أوَّلًا دَلِيلًا عَلى إرادَتِهِ ثانِيًا، والحَمْدَ ثانِيًا دَلِيِلًا عَلى إرادَتِهِ أوَّلًا، ولَعَلَّ المُرادَ بِالإظْهارِ هُنا ما هو أعَمُّ مِن وقْتِ الظُّهْرِ لِيَكُونَ المُرادُ بِهِ مِن حِينِ يَزُولُ اسْمُ الصَّباحِ مِن وقْتِ ارْتِفاعِ الشَّمْسِ إلى أنْ يَحْدُثَ اسْمُ المَساءِ، وهو مِنَ الظُّهْرِ إلى الغُرُوبِ - قالَهُ ابْنُ طَرِيفٍ (p-٦٢)فِي كِتابِهِ الأفْعالِ ونَقَلَهُ عَنِ الإمامِ عَبْدِ الحَقِّ في كِتابِهِ الواعِي، وذَلِكَ حِينَ اسْتِبْدادِ النَّهارِ فَيَكُونُ كَمالُهُ فِيما دُونَ ذَلِكَ مِن بابِ الأوْلى، وهَذا مَعَ هَذِهِ الدَّقائِقِ إشارَةٌ إلى الصَّلَواتِ الخَمْسِ، أيْ سَبِّحُوهُ بِالخُضُوعِ لَهُ بِالصَّلاةِ في وقْتِ المَساءِ بِصَلاةِ العَصْرِ والمَغْرِبِ، وفي وقْتِ الصَّباحِ بِالصُّبْحِ، وفي العَشِيِّ بِالعِشاءِ، وفي الإظْهارِ بِالظُّهْرِ، وفي هَذا التَّخْرِيجِ مِنَ الحُسْنِ بَيانُ الِاهْتِمامِ بِالصَّلاةِ الوُسْطى، فابْتَدَأ سُبْحانَهُ بِالعَصْرِ الَّتِي قَوْلُها أصَحُّ الأقْوالِ، ودُخُولُ المَغْرِبِ في حَيِّزِها بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ والقَصْدُ الثّانِي، وثَنّى بِالصُّبْحِ وهي تَلِيها في الأصَحِيَّةِ وهُما القَرِيبَتانِ، لِقَوْلِهِ ﷺ: «مَن صَلّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الجَنَّةَ» - رَواهُ الشَّيْخانِ عَنْ أبِي مُوسى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، «مَن صَلّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِها وجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ» - أسْنَدَهُ صاحِبُ الفِرْدَوْسِ عَنْ عِمارَةَ بْنِ رُوبِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ورَواهُ مُسْلِمٌ وغَيْرُهُ عَنْهُ بِلَفْظِ: «لَنْ يَلِجَ النّارَ أحَدٌ صَلّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِها» - يَعْنِي الفَجْرَ والعَصْرَ «”كُنّا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَنَظَرَ إلى القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ فَقالَ:“ إنَّكم سَتَرَوْنَ رَبَّكم كَما تَرَوْنَ هَذا القَمَرَ، لا تُضامُّونَ في رُؤْيَتِهِ، فَإنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا عَلى صَلاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِها فافْعَلُوا لا تَفُوتَنَّكم "، ثُمَّ قَرَأ ﴿وسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ (p-٦٣)قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ الغُرُوبِ﴾ [ق: ٣٩]» رَواهُ البُخارِيُّ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وحَدِيثُ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في الصَّحِيحِ«يَتَعاقَبُونَ فِيكم مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ ومَلائِكَةٌ بِالنَّهارِ ويَجْتَمِعُونَ في صَلاةِ الفَجْرِ وصَلاةِ العَصْرِ»يَدْخُلُ هُنا.
{"ayah":"وَلَهُ ٱلۡحَمۡدُ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَعَشِیࣰّا وَحِینَ تُظۡهِرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق