الباحث القرآني

(p-٤٧٥)ولَمّا أمَرَ سُبْحانَهُ وتَعالى بِإظْهارِ الإيمانِ بِهَذا القَوْلِ، وكانَ ذَلِكَ هو الإذْعانَ الَّذِي هو الإسْلامُ قالَ - مُحَذِّرًا مِنَ الرِّدَّةِ عَنْهُ عاطِفًا عَلى ﴿آمَنّا﴾ [آل عمران: ٨٤] ومُظْهِرًا لِما مِن حَقِّهِ الإضْمارُ لَوْلا إرادَةُ التَّنْبِيهِ عَلى ذَلِكَ مُشِيرًا بِصِيغَةِ الِافْتِعالِ إلى مُخالَفَةِ الفِطْرَةِ الأُولى -: ﴿ومَن يَبْتَغِ﴾ أيْ يَتَطَلَّبْ ﴿غَيْرَ﴾ دِينِ ﴿الإسْلامِ﴾ الَّذِي هو ما ذَكَرَ مِنَ الانْقِيادِ لِلَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى المُشْتَمِلِ عَلى الشَّرائِعِ المَعْرُوفَةِ الَّتِي أساسُها الإيمانُ بَعْدَ التَّلَبُّسِ بِهِ حَقِيقَةً بِإظْهارِ اتِّباعِ الرُّسُلِ أوْ مَجازًا بِالكَوْنِ عَلى الفِطْرَةِ الأُولى بِما أشْعَرَ بِهِ الِابْتِغاءُ - كَما تَقَدَّمَ، وكَرَّرَ الإسْلامَ في هَذا السِّياقِ كَثِيرًا لِكَوْنِهِ في حَيِّزِ المِيثاقِ المَأْخُوذِ بِمُتابَعَةِ الرَّسُولِ المُصَدِّقِ حَثًّا عَلى تَمامِ الِانْقِيادِ لَهُ ﴿دِينًا﴾ وأتى بِالفاءِ الرّابِطَةِ إعْلامًا بِأنَّ ما بَعْدَها مُسَبَّبٌ عَمّا قَبْلَها ومَرْبُوطٌ بِهِ فَقالَ: ﴿فَلَنْ يُقْبَلَ مِنهُ﴾ أيْ في الدُّنْيا، وأشْعَرَ تَرْتِيبُ هَذا عَلى السَّبَبِ بِأنَّهُ يُرْجى زَوالُ السَّبَبِ لِأنَّهُ مِمّا عَرَضَ لِلْعَبْدِ كَما جَرى في الرِّدَّةِ في خِلافَةِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعالى عَنْهُ، فَإنَّهُ رَجَعَ إلى الإسْلامِ أكْثَرُ المُرْتَدِّينَ وحَسُنَ إسْلامُهُمْ، وقَوْلُهُ: ﴿وهُوَ في الآخِرَةِ مِنَ الخاسِرِينَ﴾ مَعْناهُ: ولا يُقْبَلُ مِنهم في الآخِرَةِ، مَعَ زِيادَةِ التَّصْرِيحِ بِالخَسارَةِ - وهي حِرْمانُ الثَّوابِ - المُنافِيَةِ لِمَقاصِدِهِمْ، والقَصْدُ الأعْظَمُ بِهَذا أهْلُ الكِتابِ مَعَ العُمُومِ لِغَيْرِهِمْ لِإقْرارِهِمْ بِهَذا النَّبِيِّ الكَرِيمِ (p-٤٧٦)وتَوَقُّعِهِمْ لَهُ، عالِمِينَ قَطْعًا بِصِدْقِهِ لِما في كُتُبِهِمْ مِنَ البِشارَةِ بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب