الباحث القرآني

ولَمّا تَمَّ تَنْزِيهُ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ عَنِ الدُّعاءِ إلى شَيْءٍ غَيْرِ اللَّهِ، ثُمَّ هَدَّدَ مَن تَوَلّى، فَكانَ السّامِعُ جَدِيرًا بِأنْ يَقُولَ: أنا مُقْبِلٌ غَيْرُ مُتَوَلٍّ فَما أقُولُ وما أفْعَلُ؟ قالَ مُخاطِبًا لِرَأْسِ السّامِعِينَ لِيَكُونَ أجْدَرَ لِامْتِثالِهِمْ: ﴿قُلْ﴾ أيْ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ، أيْ لافِتًا لِمَن نَفَعَهُ هَذا التَّذْكِيرُ والتَّهْدِيدُ فَأقْبَلَ ﴿آمَنّا﴾ أنا ومَن أطاعَنِي مِن أُمَّتِي - مُبَكِّتًا لِأهْلِ الكِتابِ بِما تَرَكُوهُ مِن دِينِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ومَن بَعْدَهُ مِن خُلَّصِ أبْنائِهِ، وأبَوْهُ وجادَلُوا فِيهِ عُدْوانًا وادَّعَوْهُ؛ ثُمَّ فَصَّلَ المَأْمُورَ بِالإيمانِ بِهِ فَقالَ: ﴿بِاللَّهِ﴾ الَّذِي لا كُفْؤَ لَهُ. ولَمّا كانَ الإنْزالُ عَلى الشَّيْءِ مَقْصُودًا بِهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِالقَصْدِ الأوَّلِ كانَ الأنْسَبُ أنْ يُقالَ: ﴿وما أُنْـزِلَ عَلَيْنا﴾ فَيَكُونَ ذَلِكَ لَهُ حَقِيقَةً ولِأتْباعِهِ مَجازًا، وكانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ بِذَلِكَ أحَقَّ لِأنَّها سُورَةُ التَّوْحِيدِ (p-٤٧٤)﴿وما أُنْـزِلَ عَلى إبْراهِيمَ﴾ أيْ أبِينا ﴿وإسْماعِيلَ وإسْحاقَ﴾ أيِ ابْنَيْهِ ﴿ويَعْقُوبَ﴾ ابْنِ إسْحاقَ ﴿والأسْباطِ﴾ أيْ أوْلادِ يَعْقُوبَ. ولَمّا كانَ ما نالَهُ صاحِبا شَرِيعَةِ بَنِي إسْرائِيلَ مِنَ الكِتابَيْنِ المُنَزَّلَيْنِ عَلَيْهِما والمُعْجِزاتِ المَمْنُوحَيْنِ بِها أعْظَمَ مِمّا كانَ لِمَن قَبْلَهُما غَيَّرَ السِّياقَ إلى قَوْلِهِ: ﴿وما أُوتِيَ مُوسى﴾ مِن أوْلادِ الأسْباطِ مِنَ التَّوْراةِ والشَّرِيعَةِ ﴿وعِيسى﴾ مِن ذُرِّيَّةِ داوُدَ مِنَ الإنْجِيلِ والشَّرِيعَةِ النّاسِخَةِ لِشَرِيعَةِ مُوسى عَلَيْهِما الصَّلاةُ والسَّلامُ. ولَمّا كانَ النَّظَرُ هُنا إلى الرَّسُولِ ﷺ أكْثَرَ لِكَوْنِها سُورَةَ التَّوْحِيدِ الَّذِي هو أخْلَقُ بِهِ وأغْرَقُ فِيهِ ناسَبَ الإعْراءُ عَنِ التَّأْكِيدِ بِما في البَقَرَةِ، ونَظَرَ إلى الكُلِّ لَمْحًا واحِدًا فَقالَ: ﴿والنَّبِيُّونَ﴾ أيْ كافَّةً مِنَ الوَحْيِ والمُعْجِزاتِ لِيَكُونَ الإيمانُ بِالمُنْزَلِ مَذْكُورًا مَرَّتَيْنِ لِشَرَفِهِ ﴿مِن رَبِّهِمْ﴾ أيِ المُحْسِنِ إلَيْهِمْ خاصَّةً وإلى العِبادِ عامَّةً بِإرْسالِهِمْ إلَيْهِمْ؛ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ تَفْسِيرَ هَذا الإيمانِ بِقَوْلِهِ: ﴿لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أحَدٍ مِنهُمْ﴾ تَنْبِيهًا عَلى المَوْضِعِ الَّذِي كَفَرَ بِهِ اليَهُودُ والنَّصارى ﴿ونَحْنُ لَهُ﴾ أيْ لِلَّهِ وما أنْزَلَ مِن عِنْدِهِ ﴿مُسْلِمُونَ﴾ أيْ مُنْقادُونَ عَلى طَرِيقِ الإخْلاصِ والرِّضى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب