الباحث القرآني

ولَمّا كانَ المُدْرِكُ لِكُلِّ نَبِيٍّ إنَّما هم أُمَّةُ النَّبِيِّ الَّذِي قَبْلَهُ، وكانُوا يُكَذِّبُونَهُ ويُخالِفُونَهُ قالَ - خاتِمًا لِهَذِهِ القِصَصِ بَعْدَ الشَّهادَةِ بِنَفْسِهِ المُقَدَّسَةِ بِما بَدَأها بِهِ في قَوْلِهِ ﴿شَهِدَ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ١٨] الآيَةِ إلى ﴿إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ﴾ [آل عمران: ١٩] عَلى وجْهِ الإنْكارِ والتَّهْدِيدِ عاطِفًا عَلى ما دَلَّ عَلَيْهِ السِّياقُ -: ﴿أفَغَيْرَ﴾ أيْ أتَوَلَّوْا فَفَسَقُوا، فَتَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ أنَّهم غَيْرُ دِينِ اللَّهِ، وأُورِدَ بِأنَّ تَقْدِيمَ (p-٤٧٢)”غَيْرَ“ يُفْهِمُ أنَّ الإنْكارَ مُنْحَطٌّ عَلى طَلَبِهِمُ اخْتِصاصًا لِغَيْرِ دِينِ اللَّهِ، ولَيْسَ ذَلِكَ هو المُرادَ كَما لا يَخْفى، وأُجِيبُ بِأنَّ تَقْدِيمَهُ الِاهْتِمامُ بِشَأْنِهِ في الإنْكارِ، والِاخْتِصاصَ مُتَأخِّرٌ مُراعاتُهُ عَنْ نَكْبَةِ غَيْرِهِ - كَما تَقَرَّرَ في مَحَلِّهِ ﴿دِينِ اللَّهِ﴾ الَّذِي اخْتَصَّ بِصِفاتِ الكَمالِ ﴿يَبْغُونَ﴾ أيْ يَطْلُبُونَ بِفِسْقِهِمْ، أوْ أتَوَلَّيْتُمْ - عَلى قِراءَةِ الخِطابِ ﴿ولَهُ﴾ أيْ والحالُ أنَّهُ لَهُ خاصَّةً ﴿أسْلَمَ﴾ أيْ خَضَعَ بِالِانْقِيادِ لِأحْكامِهِ والجَرْيِ تَحْتَ مُرادِهِ وقَضائِهِ، لا يَقْدِرُونَ عَلى مُغالَبَةِ قَدَرِهِ بِوَجْهٍ ﴿مَن في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ وهم مَن لَهم قُوَّةُ الدِّفاعِ بِالبَدَنِ والعَقْلِ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِمْ ﴿طَوْعًا﴾ بِالإيمانِ أوْ بِما وافَقَ أغْراضَهم ﴿وكَرْهًا﴾ بِالتَّسْلِيمِ لِقَهْرِهِ في إسْلامِ أحَدِهِمْ وإنْ كَثُرَتْ أعْوانُهُ وعَزَّ سُلْطانُهُ إلى أكْرَهِ ما يَكْرَهُ وهو صاغِرٌ داخِرٌ، لا يَسْتَطِيعُ أمْرًا ولا يَجِدُ نَصْرًا ﴿وإلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ بِالحَشْرِ، لا تُعالِجُونَ مَقَرًّا ولا تَلْقَوْنَ (p-٤٧٣)مَلْجَأً ولا مَفَرًّا، فَإذا كانُوا كَذَلِكَ لا يَقْدِرُونَ عَلى التَّفَصِّي مِن قَبْضَتِهِ بِنَوْعِ قُوَّةٍ ولا حِيلَةٍ في سُكُونٍ ولا حَرَكَةٍ فَكَيْفَ يُخالِفُونَ ما أتاهم مِن أمْرِهِ عَلى ألْسِنَةِ رُسُلِهِ وقَدْ ثَبَتَ أنَّهم رُسُلُهُ بِما أتى بِهِ كُلٌّ مِنهم مِنَ المُعْجِزَةِ! ومِنَ المَعْلُومِ أنَّ المُعانِدَ لِلرَّسُولِ ﷺ مُعانِدٌ لِلْمُرْسِلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب