الباحث القرآني

فَلَمّا تَقَرَّرَ أنَّ الأمْرَ كُلَّهُ لَهُ ذَكَرَ دَلِيلَ ذَلِكَ فِيهِمْ بِأنَّهُ فَضَّلَ فَرِيقًا مِنهم فَأعْلاهُ، ورَذَلَ فَرِيقًا مِنهم فَأرْداهُ، فَلَمْ يَرُدَّهُمُ الكِتابُ - وهم يَتْلُونَهُ - إلى الصَّوابِ، فَقالَ عاطِفًا عَلى ما مَضى مِن مَخازِيهِمْ مُقَرِّرًا لِكِتْمانِهِمْ لِلْحَقِّ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأنَّهُ الحَقُّ بِأنَّ الخِيانَةَ دَيْدَنُهم في الأعْيانِ الدُّنْيَوِيَّةِ والمَعانِي الدِّينِيَّةِ مُنَبِّهًا عَلى أنَّهم وإنْ شارَكُوا النّاسَ في انْقِسامِهِمْ إلى أمِينٍ وخائِنٍ فَهم يُفارِقُونَهم مِن حَيْثُ إنَّ خائِنَهم يَتَدَيَّنُ بِخِيانَتِهِ ويُسْنِدُها - مُرُوقًا مِن رِبْقَةِ الحَياءِ - إلى اللَّهِ، مادِحًا لِلْأمِينِ مِنهُمْ: ﴿ومِن (p-٤٦١)أهْلِ الكِتابِ﴾ أيِ المَوْصُوفِينَ ﴿مَن إنْ تَأْمَنهُ بِقِنْطارٍ﴾ أيْ مِنَ الذَّهَبِ المَذْكُورِ في الفَرِيقِ الآتِي ﴿يُؤَدِّهِ إلَيْكَ﴾ غَيْرَ خائِنٍ فِيهِ، فَلا تَسُوقُوا الكُلَّ مَساقًا واحِدًا في الخِيانَةِ ﴿ومِنهم مَن إنْ تَأْمَنهُ بِدِينارٍ﴾ أيْ واحِدٍ ﴿لا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ﴾ في زَمَنٍ مِنَ الأزْمانِ دَناءَةً وخِيانَةً ﴿إلا ما﴾ أيْ وقْتَ ما ﴿دُمْتَ عَلَيْهِ قائِمًا﴾ تُطالِبُهُ بِهِ غالِبًا لَهُ بِما دَلَّتْ عَلَيْهِ أداةُ الِاسْتِعْلاءِ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ عِلَّةَ الخِيانَةِ بِقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ﴾ أيِ الأمْرُ البَعِيدُ مِنَ الكَمالِ ﴿بِأنَّهم قالُوا﴾ كَذِبًا عَلى شَرْعِهِمْ ﴿لَيْسَ عَلَيْنا في الأُمِّيِّينَ﴾ يَعْنِي مَن لَيْسَ لَهُ كِتابٌ فَلَيْسَ عَلى دِينِهِمْ ﴿سَبِيلٌ﴾ ولَمّا كانَ الكَذِبُ مِن عِظَمِ القَباحَةِ بِمَكانٍ يُظَنُّ بِسَبَبِهِ أنَّهُ لا يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ ذُو عَقْلٍ فَكَيْفَ عَلى اللَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى قالَ: ﴿وهم (p-٤٦٢)يَعْلَمُونَ﴾ أيْ ذَوُو عِلْمٍ فَيَعْلَمُونَ أنَّهُ كَذِبٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب