الباحث القرآني

ثُمَّ اسْتَأْنَفَ تَبْكِيتًا آخَرَ فَقالَ مُنَبِّهًا لَهم مُكَرِّرًا التَّنْبِيهَ إشارَةً إلى طُولِ رُقادِهِمْ أوْ شِدَّةِ عِنادِهِمْ: ﴿ها أنْتُمْ هَؤُلاءِ﴾ أيِ الأشْخاصُ الحَمْقى، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿حاجَجْتُمْ﴾ أيْ قَصَدْتُمْ مُغالَبَةَ مَن يَقْصِدُ الرَّدَّ عَلَيْكم ﴿فِيما لَكم بِهِ عِلْمٌ﴾ أيْ نَوْعٌ (p-٤٥١)مِنَ العِلْمِ مِن أمْرِ مُوسى وعِيسى عَلَيْهِما الصَّلاةُ والسَّلامُ لِذِكْرِ كُلٍّ مِنهُما في كِتابِكم وإنْ كانَ جِدالُكم فِيهِما عَلى خِلافِ ما تَعْلَمُونَ مِن أحْوالِهِما عِنادًا أوْ طُغْيانًا ﴿فَلِمَ تُحاجُّونَ﴾ أيْ تُغالِبُونَ بِما تَزْعُمُونَ أنَّهُ حُجَّةٌ، وهو لا يَسْتَحِقُّ أنْ يُسَمّى شُبْهَةً فَضْلًا عَنْ أنْ يَكُونَ حُجَّةً ﴿فِيما لَيْسَ لَكم بِهِ عِلْمٌ﴾ أصْلًا، لِكَوْنِهِ لا ذِكْرَ لَهُ في كِتابِكم بِما حاجَجْتُمْ فِيهِ مَعَ مُخالَفَتِهِ لِصَرِيحِ العَقْلِ ﴿واللَّهُ﴾ أيِ المُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ ﴿يَعْلَمُ﴾ أيْ وأنْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ مُجادَلَتَكم في الحَقِيقَةِ إنَّما هي مَعَ اللَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى، وتَعْلَمُونَ أنَّ عِلْمَهُ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ ما جادَلْتُمْ فِيهِ ﴿وأنْتُمْ﴾ أيْ وتَعْلَمُونَ أنَّكم أنْتُمْ ﴿لا تَعْلَمُونَ﴾ أيْ لَيْسَ لَكم عِلْمٌ أصْلًا إلّا ما عَلَّمَكُمُ اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى، هَذا عَلى تَقْدِيرِ كَوْنِ ”ها“ في ”ها أنْتُمْ“ لِلتَّنْبِيهِ، ونَقَلَ شَيْخُنا ابْنُ الجَزَرِيِّ في كِتابِهِ ”النَّشْرُ في القِراءاتِ العَشْرِ“ عَنْ أبِي عَمْرِو بْنِ العَلاءِ وعَنْ أبِي الحَسَنِ الأخْفَشِ أنَّها بَدَلٌ مِن هَمْزَةٍ، ورُوِيَ عَنْ أبِي حَمْدُونَ عَنِ اليَزِيدِيِّ أنَّ أبا عَمْرٍو قالَ: وإنَّما هي ”أأنْتُمْ“ مَمْدُودَةً، فَجَعَلُوا الهَمْزَةَ (p-٤٥٢)هاءً، والعَرَبُ تَفْعَلُ هَذا، فَعَلى هَذا التَّقْدِيرِ يَكُونُ اسْتِفْهامًا مَعْناهُ التَّعْجِيبُ مِنهم والتَّوْبِيخُ لَهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب