الباحث القرآني
ولَمّا ابْتَدَأ القِصَّةَ بِالحَقِّ في قَوْلِهِ: ﴿نَـزَّلَ عَلَيْكَ الكِتابَ بِالحَقِّ﴾ [آل عمران: ٣] خَتَمَها بِذَلِكَ عَلى وجْهٍ آكَدَ وأضْخَمَ فَقالَ: ﴿الحَقُّ﴾ أيِ الكامِلُ في الثَّباتِ كائِنٌ ﴿مِن رَبِّكَ﴾ أيِ المُحْسِنِ إلَيْكَ بِأنَّهُ لا يَدَعُ لِخَصْمٍ عَلَيْكَ مَقالًا، ولَمّا تَسَبَّبَ عَمّا مَضى نَقْلًا وعَقْلًا الِاعْتِقادُ الحَقُّ في أمْرِ عِيسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ قالَ: ﴿فَلا تَكُنْ مِنَ المُمْتَرِينَ﴾ مُشِيرًا بِصِيغَةِ الِافْتِعالِ إلى أنَّهُ لا يَشُكُّ فِيهِ بَعْدَ هَذا إلّا مَن أمْعَنَ الفِكْرَ في شُبَهٍ يُثِيرُها وأوْهامٍ يُزاوِلُها ويَسْتَزِيرُها، وما أحْسَنَ ما في سِفْرِ الأنْبِياءِ (p-٤٢٩)الإسْرائِيلِيِّينَ الَّذِي هو بِأيْدِي الطّائِفَتَيْنِ اليَهُودِ ثُمَّ النَّصارى، يَتَناقَلُونَهُ مُعْتَقِدِينَ ما فِيهِ، وأوْضَحَهُ في خِلافِ مُعْتَقَدِهِمْ في عِيسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ ومُوافَقَةِ مُعْتَقَدِنا فِيهِ، لَكِنَّهم لا يَتَدَبَّرُونَ، وذَلِكَ أنَّهُ قالَ في نُبُوَّةِ أشْعَيا عَلَيْهِ السَّلامُ: اسْمَعْ مِنِّي يا يَعْقُوبُ عَبْدِي وأنْتَ يا إسْرائِيلُ الَّذِي انْتَخَبْتُهُ! أنا الَّذِي خَلَقْتُكَ في الرَّحِمِ وأعَنْتُكَ، ثُمَّ قالَ: هَكَذا يَقُولُ: يَقُولُ الرَّبُّ: أنا الَّذِي جَبَلْتُكَ في الرَّحِمِ وخَلَّصْتُكَ وأعَنْتُكَ، أنا الَّذِي خَلَقْتُ الكُلَّ، وأنا الَّذِي مَدَدْتُ السَّماءَ وحْدِي، وأنا الَّذِي ثَبَّتُّ الأرْضَ، أنا الَّذِي أُبْطِلُ آياتِ العَرّافِينَ، وأُصَيِّرُ كُلَّ تَعْرِيفِهِمْ جَهْلًا، وأرُدُّ الحُكَماءَ إلى خَلْفِهِمْ، وأُعَرِّفُ أعْمالَهم لِلنّاسِ، وأُثَبِّتُ كَلِمَةَ عَبِيدِي، وأُتَمِّمُ قَوْلَ رُسُلِي؛ ثُمَّ قالَ: أنا الرَّبُّ الَّذِي خَلَقْتُ هَذِهِ الأشْياءَ، الوَيْلُ لِلَّذِي يُخاصِمُ خالِقَهُ ولا يَعْلَمُ أنَّهُ مِن خَزَفِ الطِّينِ! لَعَلَّ الطِّينَ يَقُولُ لِلْفاخُورِيِّ: لِماذا تَصْنَعُنِي؟ أوْ لَعَلَّهُ يَقُولُ لَهُ: لَسْتُ أنا مَن صَنَعْتُكَ، الوَيْلُ لِلَّذِي يَقُولُ لِأبِيهِ: لِماذا ولَدْتَنِي؟ أوْ لِأُمِّهِ: لِماذا حَبِلْتِ بِي؟ هَكَذا يَقُولُ الرَّبُّ قُدُّوسُ (p-٤٣٠)إسْرائِيلَ ومُخَلِّصُهُ: أنا الَّذِي خَلَقْتُ السَّماءَ ومَدَدْتُها بِيَدَيَّ وجَمِيعَ أجْنادِها، وجَعَلْتُ فِيها الكَواكِبَ البَهِيَّةَ.
ذِكْرُ ما يَحْتاجُ إلَيْهِ المُفَسِّرُونَ - ويُثْمِرُ إنْ شاءَ اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى زِيادَةَ الإيقانِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ - مِن قِصَّةِ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ في وِلادَتِهِ وما يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ السُّورَةِ مِن مَبْدَإ أمْرِهِ ومُنْتَهاهُ وبَعْضِ ما ظَهَرَ عَلى يَدَيْهِ مِنَ الآياتِ ولِسانِهِ مِنَ الحِكَمِ المُشِيرَةِ إلى أنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ ورَسُولُهُ وغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأناجِيلِ الأرْبَعَةِ الَّتِي في أيْدِي النَّصارى اليَوْمَ، وقَدْ أدْخَلْتُ كَلامَ بَعْضِهِمْ في بَعْضٍ وجَمَعْتُ ما تَفَرَّقَ مِنَ المَعانِي في سِياقاتِهِمْ بِحَيْثُ صارَ الكُلُّ حَدِيثًا واحِدًا:
قالَ مَتّى - ومُعْظَمُ السِّياقِ لَهُ -: كِتابُ مِيلادِ يَسُوعَ المَسِيحِ بْنِ داوُدَ بْنِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، ثُمَّ قالَ: لِكُلِّ الأجْيالِ مِن إبْراهِيمَ إلى داوُدَ أرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلًا، ومِن داوُدَ إلى زِرْبابِلَ أرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلًا، ومِن زِرْبابِلَ إلى المَسِيحِ أرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلًا؛ لَمّا خَطَبَتْ مَرْيَمَ أُمُّهُ لِيُوسُفَ قَبْلَ أنْ يَفْتَرِقا وجَدَتْ حَبَلًا مِن (p-٤٣١)رُوحِ القُدُسِ، وكانَ يُوسُفُ خَطِيبُها صِدِّيقًا ولَمْ يُرِدْ أنْ يَنْشُرَها، وهَمَّ بِتَخْلِيَتِها سِرًّا، وفِيما هو مُفَكِّرٌ في هَذا إذْ ظَهَرَ لَهُ مَلَكُ الرَّبِّ في الحُلْمِ قائِلًا: يا يُوسُفُ بْنُ داوُدَ! لا تَخَفْ أنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ خَطِيبَتَكَ، فَإنَّ الَّذِي تَلِدُهُ هو مِن رُوحِ القُدُسِ، وسَتَلِدُ ابْنًا ويُدْعى اسْمُهُ يَسُوعَ، وهو يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِن خَطاياهُمْ، هَذا كُلُّهُ كانَ لِكَيْ يَتِمَّ ما قِيلَ مِن قِبَلِ الرَّبِّ عَلى لِسانِ النَّبِيِّ القابِلِ: ها هو ذا العَذْراءُ تَحْبَلُ وتَلِدُ ابْنًا، ويُدْعى اسْمُهُ ”عَمانْوِيلَ“ الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اللَّهُ مَعَنا، فَقامَ يُوسُفُ مِنَ النَّوْمِ وصَنَعَ كَما أمَرَهُ مَلَكُ الرَّبِّ وأخَذَ مَرْيَمَ خَطِيبَتَهُ ولَمْ يُعَرِّفْها حَتّى ولَدَتِ ابْنَها البِكْرَ، ودُعِيَ اسْمُهُ يَسُوعَ.
وفِي إنْجِيلِ لُوقا: ولَمّا كانَ في تِلْكَ الأيّامِ - أيْ أيّامِ وِلادَةِ يَحْيى بْنِ زَكَرِيّا عَلَيْهِمُ السَّلامُ - خَرَجَ أمْرٌ مِن أُوغُوسْطُوسَ قَيْصَرَ (p-٤٣٢)بِأنْ يُكْتَبَ جَمِيعُ المَسْكُونَةِ هَذِهِ الكَتْبَةَ الأُولى في وِلايَةِ فَرْسُوسَ عَلى الشّامِ، فَمَضى جَمِيعُهم لِيَكْتَتِبَ كُلُّ واحِدٍ مِنهم في مَدِينَتِهِ، فَصَعِدَ يُوسُفُ أيْضًا مِنَ الجَلِيلِ مِن مَدِينَةِ النّاصِرَةِ إلى اليَهُودِيَّةِ إلى مَدِينَةِ داوُدَ الَّتِي تُدْعى بَيْتَ لَحْمٍ، لِأنَّهُ كانَ مِن بَيْتِ داوُدَ وقَبِيلَتِهِ لِيَكْتَتِبَ مَعَ مَرْيَمَ خَطِيبَتِهِ وهي حُبْلى، فَبَيْنَما هُما هُناكَ إذْ تَمَّتْ أيّامُ وِلادَتِها لِتَلِدَ، فَوَلَدَتِ ابْنَها البِكْرَ ولَفَّتْهُ وتَرَكَتْهُ في مِزْوَدٍ لِأنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُما مَوْضِعٌ حَيْثُ نَزَلا، وكانَ في تِلْكَ الكُورَةِ رُعاةٌ يَسْهَرُونَ لِحِراسَةِ اللَّيْلِ نَوْبًا عَلى مَراعِيهِمْ، وإذا مَلَكُ الرَّبِّ قَدْ وقَفَ بِهِمْ ومَجْدُ الرَّبِّ أشْرَقَ عَلَيْهِمْ، فَخافُوا خَوْفًا عَظِيمًا، قالَ لَهُمُ المَلَكُ: لا تَخافُوا الآنَ، هو ذا أُبَشِّرُكم بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لَكم ولِجَمِيعِ الشُّعُوبِ، لِأنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ اليَوْمَ مُخَلِّصٌ، الَّذِي هو المَسِيحُ في مَدِينَةِ داوُدَ، وهَذِهِ عَلامَةٌ لَكم أنَّكم تَجِدُونَ طِفْلًا مَلْفُوفًا مَوْضُوعًا في مِزْوَدٍ، ولِلْوَقْتِ بَغْتَةً تَراءى مَعَ المَلَكِ جُنُودٌ كَثِيرَةٌ سَماوِيُّونَ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ سُبْحانَهُ وتَعالى ويَقُولُونَ: المَجْدُ لِلَّهِ في العُلى، وعَلى الأرْضِ السَّلامُ، وفي النّاسِ المَسَرَّةُ؛ فَلَمّا صَعِدَ المَلائِكَةُ إلى السَّماءِ قالَ الرِّجالُ الرُّعاةُ بَعْضُهم لِبَعْضٍ: امْضُوا بِنا إلى بَيْتِ لَحْمٍ لِنَنْظُرَ الكَلامَ الَّذِي أعْلَمَنا بِهِ الرَّبُّ، فَجاؤُوا مُسْرِعِينَ فَوَجَدُوا مَرْيَمَ ويُوسُفَ والطِّفْلَ مَوْضُوعًا في (p-٤٣٣)مِزْوَدٍ؛ فَلَمّا رَأوْهُ عَلِمُوا أنَّ الكَلامَ الَّذِي قِيلَ لَهم عَنِ الصَّبِيِّ حَقٌّ، وكُلُّ مَن سَمِعَ تَعَجَّبَ مِمّا تَكَلَّمَ بِهِ الرُّعاةُ، وكانَتْ مَرْيَمُ تَحْفَظُ هَذا الكَلامَ كُلَّهُ وتَقِيهِ، ورَجَعَ الرُّعاةُ يُمَجِّدُونَ اللَّهَ سُبْحانَهُ وتَعالى ويُسَبِّحُونَ عَلى كُلِّ ما سَمِعُوا وعايَنُوا كَما قِيلَ لَهم.
ولَمّا تَمَّتْ ثَمانِيَةُ أيّامٍ أتَوْا بِهِ لِيُخْتَنَ ودَعَوُا اسْمَهُ يَسُوعَ كالَّذِي دَعاهُ المَلَكُ قَبْلَ أنْ تَحْبَلَ بِهِ في البَطْنِ، فَلَمّا كَمَّلَتْ أيّامَ تَطْهِيرِها - عَلى ما في نامُوسِ مُوسى - صَعِدُوا بِهِ إلى يَرُوشَلِيمَ لِيُقِيمُوهُ لِلرَّبِّ، كَما هو مَكْتُوبٌ في نامُوسِ الرَّبِّ أنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فاتِحٍ رَحِمَ أُمِّهِ يُدْعى قُدُّوسَ الرَّبِّ، ويُقَرَّبُ عَنْهُ - كَما هو مَكْتُوبٌ في نامُوسِ الرَّبِّ - زَوْجُ (p-٤٣٤)يَمامٍ أوْ فَرْخا حَمامٍ؛ وكانَ إنْسانٌ بِيَرُوشَلِيمَ اسْمُهُ شَمْعُونُ، وكانَ رَجُلًا بارًّا تَقِيًّا، يَرْجُو عِزَّ بَنِي إسْرائِيلَ، ورُوحُ القُدُسِ كانَ عَلَيْهِ، وكانَ يُوحى إلَيْهِ مِن رُوحِ القُدُسِ أنَّهُ لا يَمُوتُ حَتّى يُعايِنَ المَسِيحَ الرَّبَّ، فَأقْبَلَ بِالرُّوحِ إلى الهَيْكَلِ عِنْدَما جاؤُوا بِالطِّفْلِ يَسُوعَ لِيُصَفّى عَنْهُ كَما يَجِبُ في النّامُوسِ، فَحَمَلَهُ عَلى ذِراعِهِ وبارَكَ الرَّبَّ قائِلًا: الآنَ يا سَيِّدُ! أطْلِقْ عَبْدَكَ بِسَلامٍ لِكَلامِكَ، لِأنَّ عَيْنِي أبْصَرَتْكَ خَلاصَكَ الَّذِي أعْدَدْتَ قُدّامَ جَمِيعِ الشُّعُوبِ، نُورٌ اسْتَعْلَنَ لِلْأُمَمِ ومَجْدٌ لِشَعْبِكَ إسْرائِيلَ، وكانَ يُوسُفُ وأُمُّهُ يَتَعَجَّبانِ مِمّا يُقالُ عَنْهُ، وبارَكَهُما شَمْعُونُ وقالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ: هو ذا هَذا مَوْضُوعٌ لِسُقُوطِ كَثِيرٍ وقِيامِ كَثِيرٍ مِن بَنِي إسْرائِيلَ. وكانَتْ حَنَّةُ النَّبِيَّةُ ابْنَةُ فانُوئِلَ مِن سِبْطِ أشِيرَ قَدْ طَعَنَتْ في أيّامِها وأقامَتْ مَعَ (p-٤٣٥)زَوْجِها سَبْعَةً وسِتِّينَ بَعْدَ بُكُورِيَّتِها، وتَرَمَّلَتْ أرْبَعَةً وثَمانِينَ عامًا غَيْرَ مُفارِقَةٍ لِلْهَيْكَلِ عائِدَةً لِلصَّوْمِ، ولِلطَّلَبَةِ لَيْلًا ونَهارًا، وفي تِلْكَ السّاعَةِ جاءَتْ قُدّامَهُ مُعْتَرِفَةً لِلَّهِ وكانَتْ تَتَكَلَّمُ مِن أجْلِهِ عِنْدَ كُلِّ أحَدٍ، تَتَرَجّى خَلاصَ يَرُوشَلِيمَ، فَلَمّا أكْمَلُوا كُلَّ شَيْءٍ عَلى ما في نامُوسِ الرَّبِّ رَجَعُوا إلى الجَلِيلِ إلى مَدِينَتِهِمُ النّاصِرَةِ، فَأمّا الصَّبِيُّ فَكانَ يَنْشَأُ ويَتَقَوّى بِالرُّوحِ ويَمْتَلِئُ بِالحِكْمَةِ، ونِعْمَةُ اللَّهِ كانَتْ عَلَيْهِ، وأبَواهُ يَمْضِيانِ إلى يَرُوشَلِيمَ في كُلِّ سَنَةٍ في عِيدِ الفِصْحِ.
وقالَ مَتّى: فَلَمّا وُلِدَ يَسُوعُ في بَيْتِ لَحْمِ يَهُودا في أيّامِ هِيرُودُسَ المَلِكِ إذا مَجُوسٌ وافَوْا مِنَ المَشْرِقِ إلى يَرُوشَلِيمَ قائِلِينَ: أيْنَ هو المَوْلُودُ مَلِكُ اليَهُودِ لِأنّا رَأيْنا نَجْمَةً في المَشْرِقِ، ووافَيْنا لِنَسْجُدَ لَهُ، فَلَمّا سَمِعَ هِيرُودُسُ المَلِكُ اضْطَرَبَ وجَمَعَ يَرُوشَلِيمَ وجَمَعَ كُلَّ رُؤَساءِ الكَهَنَةِ وكَتَبَةِ الشَّعْبِ واسْتَخْبَرَهُمْ: أيْنَ يُولَدُ المَسِيحُ؟ فَقالُوا (p-٤٣٦)لَهُ: في بَيْتِ لَحْمِ أرْضِ يَهُودا - كَما هو مَكْتُوبٌ في النَّبِيِّ: وأنْتَ يا بَيْتَ لَحْمِ أرْضِ يَهُودا لَسْتَ بِصَغِيرَةٍ في مُلُوكِ يَهُودَ، يَخْرُجُ مِنكَ مُقَدَّمٌ، الَّذِي يَرْعى شَعْبَ بَنِي إسْرائِيلَ.
حِينَئِذٍ دَعا هِيرُودُسْ والرُّومُ المَجُوسَ سِرًّا، وتَحَقَّقَ مِنهُمُ الزَّمانَ الَّذِي ظَهَرَ لَهم فِيهِ النَّجْمُ وأرْسَلَهم إلى بَيْتِ لَحْمٍ قائِلًا: امْضُوا فابْحَثُوا عَنِ الصَّبِيِّ بِاجْتِهادٍ، فَإذا وجَدْتُمُوهُ فَأخْبِرُونِي لِآتِيَ أنا وأسْجُدَ لَهُ، فَلَمّا سَمِعُوا مِنَ المَلِكِ ذَهَبُوا، وإذا النَّجْمُ الَّذِي رَأوْهُ في المَشْرِقِ يَقْدُمُهم حَتّى جاءَ ووَقَفَ حَيْثُ كانَ الصَّبِيُّ، فَلَمّا رَأوُا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا، وأتَوْا إلى البَيْتِ فَرَأوُا الصَّبِيَّ، مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ، فَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وفَتَحُوا أوْعِيَتَهم وقَدَّمُوا لَهُ قَرابِينَ ذَهَبًا ولُبانًا ومُرًّا، وأُوحِيَ إلَيْهِمْ في الحُلْمِ أنْ لا يَرْجِعُوا إلى هِيرُودُسْ، بَلْ يَذْهَبُوا في طَرِيقٍ أُخْرى إلى كُورَتِهِمْ، فَلَمّا ذَهَبُوا وإذا مَلَكُ الرَّبِّ تَراءى لِيُوسُفَ في الحُلْمِ قائِلًا: قُمْ، خُذِ الصَّبِيَّ وأُمَّهُ واهْرُبْ إلى أرْضِ مِصْرَ وكُنْ هُناكَ حَتّى أقُولَ لَكَ فَإنَّ هِيرُودُسْ مُزْمِعٌ أنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ، فَقامَ وأخَذَ الصَّبِيَّ وأُمَّهُ (p-٤٣٧)لَيْلًا، ومَضى إلى مِصْرَ وكانَ هُناكَ إلى وفاةِ هِيرُودُسْ، لِكَيْ يَتِمَّ ما قِيلَ مِن قِبَلِ الرَّبِّ بِالنَّبِيِّ القابِلِ مِن مِصْرَ: دَعَوْتُ ابْنِي؛ حِينَئِذٍ لَمّا رَأى هِيرُودُسْ سُخْرِيَةَ المَجُوسِ بِهِ غَضِبَ جِدًّا وأرْسَلَ، فَقَتَلَ كُلَّ صِبْيانِ بَيْتِ لَحْمٍ وكُلِّ تُخُومِها مِنَ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَما دُونَ، كَنَحْوِ الزَّمانِ الَّذِي تَحَقَّقَ عِنْدَهُ مِنَ المَجُوسِ، حِينَئِذٍ تَمَّ ما قِيلَ مِن أرْمِيا النَّبِيِّ حَيْثُ يَقُولُ: صَوْتٌ سُمِعَ في الزَّأْمَةِ، بُكاءٌ ونَوْحٌ وعَوِيلٌ كَثِيرٌ، راحِيلُ تَبْكِي عَلى بَنِيها ولا تُرِيدُ أنْ تَتَعَزّى لِفَقْدِهِمْ؛ فَلَمّا ماتَ هِيرُودُسْ ظَهَرَ مَلَكُ الرَّبِّ لِيُوسُفَ في الحُلْمِ بِمِصْرَ قائِلًا: قُمْ، خُذِ الصَّبِيَّ وأُمَّهُ واذْهَبْ إلى أرْضِ إسْرائِيلَ؛ فَلَمّا سَمِعَ أنَّ أُورْشَلاوَشَ قَدْ مُلِّكَ عَلى اليَهُودِيَّةِ عِوَضَ هِيرُودُسْ أبِيهِ خافَ أنْ يَذْهَبَ إلى هُناكَ، فَأُخْبِرَ في الحُلْمِ وذَهَبَ إلى حَوَرَ ناحِيَةَ الجَلِيلِ، فَأتى وسَكَنَ في مَدِينَةٍ تُدْعى ناصِرَةَ لِكَيْ يَتِمَّ ما قِيلَ في الأنْبِياءِ: إنَّهُ يُدْعى ناصِرِيًّا (p-٤٣٨)وفِي إنْجِيلِ لُوقا: فَلَمّا تَمَّتْ لَهُ اثْنَتا عَشْرَةَ سَنَةً مَضَوْا إلى يَرُوشَلِيمَ إلى العِيدِ كالعادَةِ، فَلَمّا كَمُلَتِ الأيّامُ لِيَعُودُوا تَخَلَّفَ عَنْهُما يَسُوعُ في يَرُوشَلِيمَ ولَمْ تَعْلَمْ أُمُّهُ ويُوسُفُ، لِأنَّهُما كانا يَظُنّانِ أنَّهُ مَعَ السّائِرِينَ في الطَّرِيقِ، فَلَمّا سارُوا نَحْوَ يَوْمٍ طَلَباهُ عِنْدَ أقْرِبائِهِما ومَعارِفِهِما فَلَمْ يَجِداهُ، فَرَجَعا إلى يَرُوشَلِيمَ يَطْلُبانِهِ، وبَعْدَ ثَلاثَةِ أيّامٍ وجَداهُ في الهَيْكَلِ جالِسًا بَيْنَ العُلَماءِ يَسْمَعُ مِنهم ويَسْألُهُمْ، وكانَ كُلُّ مَن يَسْمَعُهُ مَبْهُوتِينَ مِن عِلْمِهِ وإجابَتِهِ لَهُمْ، فَلَمّا أبْصَراهُ بُهِتا، فَقالَتْ لَهُ أُمُّهُ: يا بُنَيَّ! ما هَذا الَّذِي صَنَعْتَ بِنا؟ إنَّ أباكَ وأنا كُنّا نَطْلُبُكَ بِاجْتِهادٍ مُعَذَّبَيْنِ، فَقالَ لَهُما: لِمَ تَطْلُبانِي؟ أما تَعْلَمانِ أنَّهُ يَنْبَغِي أنْ أكُونَ في الَّذِي لِأبِي؟ فَأمّا هُما فَلَمْ يَفْهَما الكَلامَ ونَزَلَ مَعَهُما وجاءَ إلى النّاصِرَةِ وكانَ يُطِيعُهُما، فَأمّا يَسُوعُ فَكانَ يَنْشَأُ في قامَتِهِ وفي الحِكْمَةِ والنِّعْمَةِ عِنْدَ اللَّهِ والنّاسِ.
قالَ مَتّى: وفي تِلْكَ الأيّامِ جاءَ يُوحَنّا المَعْمَدانِ يَكْرِزُ في بَرِّيَّةِ (p-٤٣٩)يَهُودا - إلى آخِرِ ما تَقَدَّمَ آنِفًا مِن بِشارَةِ يَحْيى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بِهِ، ثُمَّ قالَ: حِينَئِذٍ أتى يَسُوعُ مِنَ الجَلِيلِ إلى الأُرْدُنِّ لِيَعْتَمِدَ مِن يُوحَنّا، فامْتَنَعَ يُوحَنّا مِنهُ وقالَ: أنا المُحْتاجُ أنْ أعْتَمِدَ مِنكَ وأنْتَ تَأْتِي إلَيَّ، فَأجابَ يَسُوعُ: دَعِ الآنَ، هَكَذا يَجِبُ لَنا أنْ نُكْمِلَ كُلَّ البَرِّ، حِينَئِذٍ تَرَكَهُ فاعْتَمَدَ يَسُوعُ، ولِلْوَقْتِ صَعِدَ مِنَ الماءِ فانْفَتَحَتْ لَهُ السَّماواتُ، ورَأى رُوحَ اللَّهِ نازِلًا كَمِثْلِ حَمامَةٍ جائِيًا إلَيْهِ. وقالَ مُرْقُسُ: وكانَ تِلْكَ الأيّامَ جاءَ يَسُوعُ مِن ناصِرَةِ الجَلِيلِ واصْطَنَعَ في نَهْرِ الأُرْدُنِّ مِن يُوحَنّا، فَساعَةَ صَعِدَ مِنَ الماءِ رَأى السَّماواتِ قَدِ انْشَقَّتْ، ورُوحَ القُدُسِ كالحَمامَةِ نَزَلَتْ عَلَيْهِ، ولِلْوَقْتِ أخْرَجَهُ الرُّوحُ إلى البَرِّيَّةِ، وأقامَ بِها أرْبَعِينَ يَوْمًا وأرْبَعِينَ لَيْلَةً، وهو مَعَ الوُحُوشِ، والمَلائِكَةُ تَخْدُمُهُ. وقالَ مَتّى: وصامَ أرْبَعِينَ يَوْمًا وأرْبَعِينَ لَيْلَةً. وقالَ لُوقا: وكانَ لَمّا اعْتَمَدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ واعْتَمَدَ يَسُوعُ فَبَيْنَما هو يُصَلِّي انْفَتَحَتِ السَّماءُ ونَزَلَ عَلَيْهِ رُوحُ القُدُسِ شِبْهَ جَسَدِ حَمامَةٍ، وكانَ قَدْ صارَ لِيَسُوعَ ثَلاثُونَ سَنَةً وكانَ يَظُنُّ أنَّهُ ابْنُ يُوسُفَ وأنَّ يَسُوعَ امْتَلَأ مِن رُوحِ القُدُسِ ورَجَعَ مِنَ الأُرْدُنِّ، فانْطَلَقَ بِهِ الرُّوحُ أرْبَعِينَ يَوْمًا، (p-٤٤٠)لَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا في تِلْكَ الأيّامِ؛ ثُمَّ قالَ: ورَجَعَ يَسُوعُ إلى الجَلِيلِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ وخَرَجَ خَبَرُهُ في كُلِّ الكُورَةِ، وكانَ يُعَلِّمُ في مَجامِعِهِمْ ويُمَجِّدُهُ كُلُّ أحَدٍ، وجاءَ إلى النّاصِرَةِ حَيْثُ كانَ تَرَبّى ودَخَلَ كَعادَتِهِ إلى مَجْمَعِهِمْ يَوْمَ السَّبْتِ، وقامَ لِيَقْرَأ فَدُفِعَ إلَيْهِ سِفْرُ أشْعَيا النَّبِيِّ فَلَمّا فَتَحَ السِّفْرَ وجَدَ المَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ مَكْتُوبٌ: رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، مِن أجْلِ هَذا مَسَحَنِي وأرْسَلَنِي لِأُبَشِّرَ المَساكِينَ وأشْفِيَ مُنْكَسِرِي القُلُوبِ وأُبَشِّرَ المَأْسُورِينَ بِالتَّخْلِيَةِ والعُمْيانَ بِالنَّظَرِ، وأُرْسِلَ المَرْبُوطِينَ بِالتَّخْلِيَةِ، وأُبَشِّرَ بِالسُّنَّةِ المَقْبُولَةِ لِلرَّبِّ والأيّامِ الَّتِي أعْطانا إلَهُنا؛ ثُمَّ طَوى السِّفْرَ ودَفَعَهُ إلى الخادِمِ وجَلَسَ، وكُلُّ مَن كانَ في الجَمْعِ كانَتْ عُيُونُهم مُحَدِّقَةً إلَيْهِ، فَبَدَأ يَقُولُ لَهُمُ: اليَوْمَ كَمُلَ هَذا المَكْتُوبُ بِأسْماعِكُمْ؛ وفي إنْجِيلِ يُوحَنّا: أنَّ يَسُوعَ قالَ: إنْ كُنْتُ أنا أشْهَدُ لِنَفْسِي فَلَيْسَتْ شَهادَتِي حَقًّا، ولَكِنَّ الَّذِي يَشْهَدُ لِي بِها حَقٌّ، أنْتُمْ أرْسَلْتُمْ إلَيَّ يُوحَنّا فَشَهِدَ لِي بِالحَقِّ، وأمّا أنا فَلَسْتُ أطْلُبُ شَهادَةً مِن إنْسانٍ ولَكِنِّي (p-٤٤١)أقُولُ هَذا لِتُخَلَّصُوا أنْتُمْ، وأنا عَلى أعْظَمَ مِن شَهادَةِ يُوحَنّا لِأنَّ الأعْمالَ الَّتِي أعْمَلُها تَشْهَدُ مِن أجْلِي أنَّ الرَّبَّ أرْسَلَنِي، والَّذِي أرْسَلَنِي قَدْ شَهِدَ لِي ولَمْ تَسْمَعُوا قَطُّ صَوْتَهُ ولا عَرَفْتُمُوهُ ولا رَأيْتُمُوهُ، وكَلِمَتُهُ لا تَثْبُتُ فِيكم لِأنَّكم لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالَّذِي أرْسَلَ، فَتِّشُوا الكُتُبَ الَّتِي تَظُنُّونَ أنْ تَكُونَ لَكم بِها حَياةُ الأبَدِ فَهي تَشْهَدُ مِن أجْلِي، لَسْتُ آخُذُ المَجْدَ مِنَ النّاسِ أنا أتَيْتُ بِاسْمِ أبِي فَلَمْ تَقْبَلُونِي، وإنْ أتاكم آخَرُ بِاسْمِ نَفْسِهِ قَبِلْتُمُوهُ، كَيْفَ تَقْدِرُونَ أنْ تُؤْمِنُوا وإنَّما تَقْبَلُونَ المَجْدَ بَعْضُكُمْ، مِن بَعْضٍ ولا تَظُنُّونَ أنَّ المَجْدَ مِنَ اللَّهِ تَعالى الواحِدِ، لا تَظُنُّوا أنِّي أشْكُوكُمْ، إنَّ لَكم مَن يَشْكُوكُمْ: مُوسى الَّذِي عَلَيْهِ تَتَوَكَّلُونَ، فَلَوْ كُنْتُمْ آمَنتُمْ بِمُوسى آمَنتُمْ بِي، لِأنَّ ذَلِكَ كُتِبَ مِن أجْلِي، وإنْ كُنْتُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِكَتْبِ ذَلِكَ فَكَيْفَ تُؤْمِنُونَ بِكَلامِي - انْتَهى ما وقَعَ الِاخْتِيارُ أخِيرًا عَلى إثْباتِهِ هُنا، وفِيهِ مِنَ الألْفاظِ المُنْكَرَةِ في شَرْعِنا إطْلاقُ الأبِ والِابْنِ، وقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلى مِثْلِ ذَلِكَ.
{"ayah":"ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡمُمۡتَرِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











