الباحث القرآني

فَلَمّا أجابَها عَمّا شَغَلَ قَلْبَها مِنَ العَجَبِ فَتَفَرَّغَ الفَهْمُ أخَذَ في إكْمالِ المَقالِ بِقَوْلِهِ عَطْفًا عَلى ﴿ويُكَلِّمُ النّاسَ﴾ [آل عمران: ٤٦] بِالياءِ كَما قَبْلَهُ في قِراءَةِ نافِعٍ وعاصِمٍ، وبِالنُّونِ في قِراءَةِ الباقِينَ نَظَرًا إلى العَظَمَةِ إظْهارًا لِعَظَمَةِ العِلْمِ: ﴿ويُعَلِّمُهُ﴾ أوْ يَكُونُ مُسْتَأْنَفًا فَيُعْطَفُ عَلى ما تَقْدِيرُهُ: فَنَخْلُقُهُ كَذَلِكَ ونُعَلِّمُهُ ﴿الكِتابَ﴾ أيِ الكِتابَةَ أوْ جِنْسَ الكِتابِ فَيَشْمَلُ ذَلِكَ مَعْرِفَةَ الكِتابِ وحِفْظَهُ وفَهْمَهُ وغَيْرَ ذَلِكَ مِن أمْرِهِ ﴿والحِكْمَةَ﴾ أيِ العُلُومَ الإلَهِيَّةَ (p-٤٠٢)لِتُفِيدَهُ تَهْذِيبَ الأخْلاقِ فَيَفِيضُ عَلَيْهِ قَوْلُ الحَقِّ وفِعْلُهُ عَلى أحْكَمِ الوُجُوهِ بِحَيْثُ لا يَقْدِرُ أحَدٌ عَلى نَقْضِ شَيْءٍ مِمّا يُبْرِمُهُ. ولَمّا وصَفَهُ بِالعُلُومِ النَّظَرِيَّةِ والعَمَلِيَّةِ فَصارَ مُتَأهِّلًا لِأسْرارِ الكُتُبِ الإلَهِيَّةِ قالَ: ﴿والتَّوْراةَ﴾ أيِ الَّتِي تَعْرِفِينَها ﴿والإنْجِيلَ﴾ بِإنْزالِهِ عَلَيْهِ تالِيًا لَهُما، وتَأْخِيرُهُ في الذِّكْرِ يُفِيدُ تَعْظِيمَهُ بِأنَّ ما قَبْلَهُ مُقَدِّماتٌ لِتَلَقِّيهِ، ولا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلى: فَيَكُونُ، لِأنَّهُ في حَيِّزِ الشَّرْطِ فَيَقْتَضِي اتِّصافَ كُلِّ مَقْضِيٍّ بِهَذِهِ الأوْصافِ كُلِّها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب