الباحث القرآني
ولَمّا أتى نَبِيُّنا ﷺ بِهَذِهِ الأخْبارِ الغَرِيبَةِ المُحَرَّرَةِ العَجِيبَةِ الَّتِي لا يَعْرِفُها عَلى وجْهِها إلّا الحُذّاقُ مِن عُلَماءِ بَنِي إسْرائِيلَ كانَ مِن حَقِّ سامِعِها أنْ يَتَنَبَّهَ مِن غَفْلَتِهِ ويَسْتَيْقِظَ مِن رَقْدَتِهِ، لِأنَّها مُنَبِّهَةٌ بِنَفْسِها لِلْمُنْصِفِ الفَطِنِ عَلى أنَّ الآتِيَ بِها - والسّامِعُ خَبِيرٌ بِأنَّهُ لَمْ يُخالِطْ عالِمًا قَطُّ - صادِقٌ لا مِرْيَةَ في صِدْقِهِ في كُلِّ ما يَدَّعِيهِ عَنِ اللَّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى، وكانَ مِن حَقِّ مَن يَتَنَبَّهُ أنْ يُبادِرَ إلى الإذْعانِ فَيُصَرِّحَ بِالإيمانِ، فَلَمّا لَمْ يَفْعَلُوا التَفَتَ إلى تَنْبِيهِ الغَبِيِّ وتَبْكِيتِ (p-٣٩٤)العَتِيِّ فَقالَ: ﴿ذَلِكَ﴾ أيِ الخِطابُ العَلِيُّ المَقامِ الصّادِقُ المَرامِ البَدِيعُ النِّظامِ ﴿مِن أنْباءِ الغَيْبِ نُوحِيهِ﴾ أيْ نُجَدِّدُ إيحاءَهُ في أمْثالِهِ ﴿إلَيْكَ﴾ في كُلِّ حِينٍ فَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ في هَذا الَّذِي ذَكَرْناهُ لَكَ يَوْمًا عَلى هَذا التَّحْرِيرِ مَعَ الإعْجازِ في البَلاغَةِ ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ الجُمْلَةُ حالًا تَقْدِيرُها: ”و“ الحالُ أنَّكَ ”ما كُنْت“ ولَمّا كانَ هَذا مَعَ كَوْنِهِ مِن أبْطَنِ السِّرِّ هو مِن أخْفى العِلْمِ عَبَّرَ فِيهِ بِـ (لَدى) لِما هو في أعْلى رُتَبِ الغَرابَةِ كَما تَقَدَّمَ في قَوْلِهِ: ﴿هُوَ مِن عِنْدِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٣٧] وكَرَّرَها زِيادَةً في تَعْظِيمِهِ وتَنْبِيهًا عَلى أنَّهُ مِمّا يُسْتَغْرَبُ جِدًّا حَتّى عِنْدَ أهْلِ الِاصْطِفاءِ فَقالَ: ﴿لَدَيْهِمْ﴾ قالَ الحَرالِّيُّ: لَدى هي (عِنْدَ) حاضِرَةٌ لِرِفْعَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي يُنَبَّأُ بِهِ عَنْهُ. انْتَهى.
﴿إذْ يُلْقُونَ﴾ لِأجْلِ القُرْعَةِ - ﴿أقْلامَهُمْ﴾ قالَ الحَرالِّيُّ: جَمْعُ قَلَمٍ، وهو مُظْهِرُ الآثارِ المُنْبِئَةِ عَمّا وراءَها مِنَ الاعْتِبارِ - انْتَهى ﴿أيُّهُمْ﴾ (p-٣٩٥)أيْ يَسْتَهِمُونَ أيُّهم ﴿يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾ أيْ يَحْضُنُها ويُرَبِّيها تَنافُسًا في أمْرِها لِما شَرَّفَها اللَّهُ تَعالى بِهِ ﴿وما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إذْ﴾ أيْ حِينَ ﴿يَخْتَصِمُونَ﴾ أيْ في ذَلِكَ حَتّى نَقُصَّ مِثْلَ هَذِهِ الأخْبارِ عَلى هَذا الوَجْهِ السَّدِيدِ - يَعْنِي أنَّهُ لا وجْهَ لَكَ إلى عِلْمِ ذَلِكَ إلّا بِالكَوْنِ مَعَهم إذْ ذاكَ، أوْ أخْذِ ذَلِكَ عَنْ أهْلِ الكِتابِ، أوْ بِوَحْيٍ مِنّا؛ ومِنَ الواضِحِ الجَلِيِّ أنَّ بُعْدَ نِسْبَتِكَ إلى التَّعَلُّمِ مِنَ البَشَرِ كَبُعْدِ نِسْبَتِكَ إلى الحُضُورِ بَيْنَهم في ذَلِكَ الوَقْتِ، لِشُهْرَتِكَ بِالنَّشْأةِ أُمِّيًّا مُباعِدًا لِلْعِلْمِ والعُلَماءِ حَتّى ما يَتَفاخَرُ بِهِ قَوْمُكَ مِنَ السَّجْعِ ومُعاناةِ الصَّوْغِ لِفُنُونِ الكَلامِ عَلى الوُجُوهِ الفائِقَةِ، فانْحَصَرَ إخْبارُكَ بِذَلِكَ في الوَحْيِ مِنّا، وجُعِلَ هَذا التَّنْبِيهُ في نَحْوٍ وسَطَ هَذا القَصَصِ لِيَكُونَ السّامِعُ عَلى ذِكْرٍ مِمّا مَضى ويُلْقِي السَّمْعَ وهو شَهِيدٌ لِما بَقِيَ، وجَعَلَهُ بَعْدَ الِافْتِتاحِ بِقِصَّةِ مَرْيَمَ عَلَيْها السَّلامُ تَنْبِيهًا عَلى عِظَمِ شَأْنِها وأنَّها المَقْصُودَةُ بِالذّاتِ لِلرَّدِّ عَلى وفْدِ نَصارى نَجْرانَ، وكَأنَّهُ أتْبَعَ التَّنْبِيهَ ما كانَ في أوَّلِ (p-٣٩٦)القِصَّةِ مِنَ اقْتِراعِهِمْ بِالأقْلامِ واخْتِصامِهِمْ في كَفالَتِها لِخَفائِهِ إلّا عَلى خَواصِّ أهْلِ الكِتابِ، هَذا مَعَ ما في مُناسَبَةِ الأقْلامِ لِلْبِشارَةِ بِمَن يَعْلَمُهُ الكِتابُ، واسْتَمَرَّ في إكْمالِ المَقالِ عَلى ذَلِكَ الأُسْلُوبِ الحَكِيمِ حَتّى تَمَّتِ الحُجَّةُ واسْتَقامَتِ المَحَجَّةُ فَقالَ تَعالى مُبْدِلًا مِن (إذْ) الأُولى إيذانًا بِأنَّ ما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ لِما نَبَّهَ عَلَيْهِ مِن شَرِيفِ الأغْراضِ:
{"ayah":"ذَ ٰلِكَ مِنۡ أَنۢبَاۤءِ ٱلۡغَیۡبِ نُوحِیهِ إِلَیۡكَۚ وَمَا كُنتَ لَدَیۡهِمۡ إِذۡ یُلۡقُونَ أَقۡلَـٰمَهُمۡ أَیُّهُمۡ یَكۡفُلُ مَرۡیَمَ وَمَا كُنتَ لَدَیۡهِمۡ إِذۡ یَخۡتَصِمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











