الباحث القرآني
ولَمّا أشْرَكَ اليَهُودَ في هَذا الخِطابِ وأفْهَمَ شَرْطُ التَّوَلِّي بِأداةِ (p-٢٩٨)الشَّكِّ وُقُوعَهُ، فَتَشَوَّفَتِ النَّفْسُ إلى مَعْرِفَةِ جَزائِهِمْ أشارَ إلَيْهِ واصِفًا لَهم بِبَعْضِ ما اشْتَدَّ فُحْشُهُ مِن أفْعالِهِمْ فَقالَ: - وقالَ الحَرالِّيُّ: ولَمّا كانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ مُنَزَّلَةً لِتَبْيِينِ ما اشْتَبَهَ عَلى أهْلِ الإنْجِيلِ جَرى ذِكْرُ أهْلِ التَّوْراةِ فِيها مُجْمَلًا بِجَوامِعِ مَن ذَكَرَهُمْ، لِأنَّ تَفاصِيلَ أمْرِهِمْ قَدِ اسْتَقْرَأتْهُ سُورَةُ البَقَرَةِ، فَكانَ أمْرُ أهْلِ التَّوْراةِ في سُورَةِ البَقَرَةِ بَيانًا وأهْلِ الإنْجِيلِ إجْمالًا، وكانَ أمْرُ أهْلِ الإنْجِيلِ في سُورَةِ آلِ عِمْرانَ بَيانًا وذِكْرُ أهْلِ التَّوْراةِ إجْمالًا، لَمّا كانَ لَبْسُ أهْلِ التَّوْراةِ في الكِتابِ فَوَقَعَ تَفْصِيلُ ذِكْرِهِمْ في سُورَةِ
﴿الم﴾ [البقرة: ١] ﴿ذَلِكَ الكِتابُ﴾ [البقرة: ٢] ولَمّا كانَ اشْتِباهُ أمْرِ أهْلِ الإنْجِيلِ في شَأْنِ الإلَهِيَّةِ كانَ بَيانُ ما تَشابَهَ عَلَيْهِمْ في سُورَةِ ﴿الم﴾ [آل عمران: ١] ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلا هو الحَيُّ القَيُّومُ﴾ [آل عمران: ٢] فَجاءَ هَذا الذِّكْرُ لِأهْلِ التَّوْراةِ مُعادَلَةً بَيْنَهم وبَيْنَ أهْلِ الإنْجِيلِ بِما كَفَرُوا بِالآياتِ مِنَ المَعْنى الَّذِي اشْتَرَكُوا فِيهِ في أمْرِ الإلَهِيَّةِ في عُزَيْرٍ واخْتَصُّوا بِقَتْلِ الأنْبِياءِ وقَتْلِ أهْلِ الخَيْرِ الآمِرِينَ بِالقِسْطِ؛ انْتَهى. فَقالَ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ﴾ وهُمُ الَّذِينَ خَذَلَهُمُ اللَّهُ ﴿بِآياتِ اللَّهِ﴾ في إبْرازِ الِاسْمِ الأعْظَمِ إشارَةٌ (p-٢٩٩)إلى عَظِيمِ كُفْرِهِمْ بِكَوْنِهِ مِمّا أُضِيفَ إلَيْهِ سُبْحانَهُ وتَعالى. قالَ الحَرالِّيُّ: وفي ذِكْرِهِ بِصِيغَةِ الدَّوامِ ما يَقَعُ مِنهم مِنَ الكُفْرِ بِآياتِ اللَّهِ في خَتْمِ اليَوْمِ المُحَمَّدِيِّ مَعَ الدَّجّالِ فَإنَّهم أتْباعُهُ ﴿ويَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ﴾ في إشْعارِهِ ما تَمادَوْا عَلَيْهِ مِنَ البَغْيِ عَلى الأنْبِياءِ حَتّى كانَ لَهم مَدْخَلٌ في شَهادَةِ النَّبِيِّ ﷺ الَّتِي رَزَقَهُ اللَّهُ فِيما كانَ يَدْعُو بِهِ حَيْثُ كانَ يَقُولُ ﷺ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهادَةً في يُسْرٍ مِنكَ وعافِيَةٍ» .
ولَمّا كانَ قَتْلُهم إيّاهم بِدُونِ شُبْهَةٍ أصْلًا بَلْ لِمَحْضِ الكُفْرِ والعِنادِ، لِأنَّ الأنْبِياءَ مُبَرَّؤُونَ مِن أنْ يَكُونَ لِأحَدٍ قَبْلَهم حَقٌّ دُنْيَوِيٌّ أوْ أُخْرَوِيٌّ قالَ: ﴿بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ أيْ لا صَغِيرٍ ولا كَبِيرٍ في نَفْسِ الأمْرِ ولا في اعْتِقادِهِمْ، فَهو أبْلَغُ مِمّا في البَقَرَةِ عَلى عادَةِ أفْعالِ الحُكَماءِ في الِابْتِداءِ بِالأخَفِّ فالأخَفِّ. ولَمّا خَصَّ ذِكْرَ أكْمَلِ الخَلْقِ عَبَّرَ بِما يَعُمُّ أتْباعَهم فَقالَ مُعِيدًا لِلْفِعْلِ زِيادَةً في لَوْمِهِمْ وتَقْرِيعِهِمْ: (p-٣٠٠)﴿ويَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالقِسْطِ﴾ أيِ العَدْلِ، ولَمّا كانَ ذَلِكَ شامِلًا لِمَن لا قُدْرَةَ لَهم عَلى قَتْلِهِ مِنَ المَلائِكَةِ قالَ: ﴿مِنَ النّاسِ﴾ أيْ كُلِّهِمْ، سَواءٌ كانُوا أنْبِياءَ أوْ لا، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المُرادُ بِهَذا القَيْدِ زِيادَةَ تَوْبِيخِهِمْ بِأنَّهم يَقْتُلُونَ جِنْسَهُمُ الَّذِي مِن حَقِّهِمْ أنْ يَأْلَفُوهُ ويَسْعَوْا في بَقائِهِ، وهَذا تَحْقِيقٌ لِأنَّ قَتْلَهم لِمُجَرَّدِ العُدْوانِ قالَ الحَرالِّيُّ: فِيهِ إعْلامٌ بِتَمادِي تَسَلُّطِهِمْ عَلى أهْلِ الخَيْرِ مِنَ المُلُوكِ والرُّؤَساءِ، فَكانَ في طَيِّهِ إلاحَةٌ لِما اسْتَعْمَلُوا فِيهِ مِن عِلْمِ التَّطَبُّبِ ومُخالَطَتِهِمْ رُؤَساءَ النّاسِ بِالطِّبِّ الَّذِي تَوَسَّلَ كَثِيرٌ مِنهم إلى قَتْلِهِمْ بِهِ عَمْدًا وخَطَأً، لِيَجْرِيَ ذَلِكَ عَلى أيْدِيهِمْ خُفْيَةً في هَذِهِ الأُمَّةِ نَظِيرَ ما جَرى عَلى أيْدِي أسْلافِهِمْ في قَتْلِ الأنْبِياءِ جَهْرَةً. انْتَهى.
ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ الخَبَرُ عَنْهم مَحْذُوفًا والتَّقْدِيرُ: أنَّهم مَطْبُوعٌ عَلى قُلُوبِهِمْ، أوْ: لا يُؤْمِنُونَ، أوْ: لا يَزالُونَ يُجادِلُونَكَ ويُنازِعُونَكَ ويَبْغُونَ لَكَ الغَوائِلَ ﴿فَبَشِّرْهم بِعَذابٍ ألِيمٍ﴾ أيِ اجْعَلْ إخْبارَهم بِأنَّهُ لَهم مَوْضِعَ البِشارَةِ، فَهو (p-٣٠١)مِن وادِي: تَحِيَّتُهم بَيْنَهم ضَرْبٌ وجِيعٌ.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ یَكۡفُرُونَ بِـَٔایَـٰتِ ٱللَّهِ وَیَقۡتُلُونَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ بِغَیۡرِ حَقࣲّ وَیَقۡتُلُونَ ٱلَّذِینَ یَأۡمُرُونَ بِٱلۡقِسۡطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرۡهُم بِعَذَابٍ أَلِیمٍ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق