الباحث القرآني

ولَمّا ذَكَرَ سُرُورَهم بِما نالُوهُ؛ ذَكَرَ سُرُورَهم بِما عَلِمُوهُ لِمَن هو عَلى دِينِهِمْ؛ فَقالَ: ﴿ويَسْتَبْشِرُونَ﴾ [آل عمران: ١٧٠]؛ أيْ: تُوجَدُ لَهُمُ البُشْرى وُجُودًا عَظِيمَ الثَّباتِ؛ حَتّى كَأنَّهم يُوجِدُونَها كُلَّما أرادُوا؛ ﴿بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٧٠]؛ أيْ: في الشَّهادَةِ في هَذِهِ الغَزْوَةِ؛ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن خَلْفِهِمْ﴾ [آل عمران: ١٧٠]؛ أيْ: في الدُّنْيا؛ ثُمَّ بَيَّنَ المُبَشَّرَ بِهِ؛ فَقالَ: ﴿ألا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ [آل عمران: ١٧٠]؛ أيْ: عَلى إخْوانِهِمْ في آخِرَتِهِمْ؛ ﴿ولا هم يَحْزَنُونَ﴾ [آل عمران: ١٧٠]؛ أيْ: أصْلًا؛ لِأنَّهُ لا يُفْقَدُ مِنهُ شَيْءٌ؛ بَلْ هم كُلَّ لَحْظَةٍ في زِيادَةٍ؛ وهَذا أعْظَمُ البُشْرى لِمَن تُرِكُوا عَلى مِثْلِ حالِهِمْ؛ مِنَ المُؤْمِنِينَ؛ لِأنَّهم يَلْحَقُونَهم في مِثْلِ ذَلِكَ؛ لِأنَّ السَّبَبَ واحِدٌ؛ وهو مِنحَةُ اللَّهِ لَهم بِالقَتْلِ فِيهِ؛ أوْ مُطْلَقُ الإيمانِ لِمُطْلَقِ ما هم فِيهِ مِنَ السَّعادَةِ بِغَيْرِ قَيْدِ الشَّهادَةِ. ولَمّا ذَكَرَ سُرُورَهم لِأنْفُسِهِمْ تارَةً؛ ولِإخْوانِهِمْ أُخْرى؛ كَرَّرَهُ تَعْظِيمًا لَهُ؛ وإعْلامًا بِأنَّهُ في الحَقِيقَةِ عَنْ غَيْرِ اسْتِحْقاقٍ؛ وإنَّما هو مُجَرَّدُ مَنٍّ؛ فَقالَ: ﴿يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ﴾؛ أيْ: ذِي الجَلالِ والإكْرامِ؛ كَبِيرَةٍ (p-١٢٣)﴿وفَضْلٍ﴾؛ أيْ: مِنهُ؛ عَظِيمٍ؛ ﴿وأنَّ اللَّهَ﴾؛ أيْ: المَلِكَ الأعْظَمَ؛ الَّذِي لا يَقْدُرُهُ أحَدٌ حَقَّ قَدْرِهِ؛ ﴿لا يُضِيعُ أجْرَ المُؤْمِنِينَ﴾؛ أيْ: مِنهُمْ؛ ومِن غَيْرِهِمْ؛ بَلْ يُوَفِّيهِمْ أجْرَهم عَلى أعْمالِهِمْ؛ ويَفْضُلُ عَلَيْهِمْ؛ ولَوْ شاءَ لَحاسَبَهم عَلى سَبِيلِ العَدْلِ؛ ولَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهم شَيْءٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب