الباحث القرآني

ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: فانْهَزَمْتُمْ عِنْدَما صَرَخَ الشَّيْطانُ كَذِبًا: ألا إنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ؛ ولَمْ يَكُنْ لَكم ذَلِكَ؛ فَإنَّكم إنَّما تَعْبُدُونَ رَبَّ مُحَمَّدٍ الحَيِّ القَيُّومِ؛ وتُقاتِلُونَ لَهُ؛ وأمّا مُحَمَّدٌ فَما هو بِخالِدٍ لَكم في الدُّنْيا؛ قالَ: ﴿وما مُحَمَّدٌ إلا رَسُولٌ﴾؛ أيْ: مِن شَأْنِهِ المَوْتُ؛ لا إلَهٌ؛ ثُمَّ قَرَّرَ المُرادَ مِنَ السِّياقِ؛ بِقَوْلِهِ: ﴿قَدْ خَلَتْ﴾؛ أيْ: بِمُفارَقَةِ أُمَمِهِمْ؛ إمّا بِالمَوْتِ؛ أوِ الرَّفْعِ إلى السَّماءِ؛ ولَمّا كانَ المُرادُ أنَّ الخُلُوَّ مِنهم إنَّما كانَ في بَعْضِ الزَّمانِ الماضِي؛ لِما مَضى؛ أثْبَتَ الجارَّ؛ فَقالَ: ﴿مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ﴾؛ أيْ: فَيَسْلُكُ سَبِيلَهُمْ؛ فاسْلُكُوا أنْتُمْ سَبِيلَ مَن نَصَحَ نَفْسَهُ مِن أتْباعِهِمْ؛ فاسْتَمْسَكَ بِنُورِهِمْ. ولَمّا سَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ إنْكارَ انْهِزامِهِمْ؛ ودَعَتِهِمْ عَلى تَقْدِيرِ فَقْدِهِ؛ أنْكَرَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿أفَإنْ﴾؛ ولَمّا كانَ المَلِكُ القادِرُ عَلى ما يُرِيدُ (p-٨٣)لا يَقُولُ شَيْئًا - وإنْ كانَ فَرْضًا - إلّا فَعَلَهُ؛ ولَوْ عَلى أقَلِّ وُجُوهِهِ؛ وكانَ في عِلْمِهِ - سُبْحانَهُ - أنَّهُ ﷺ يَمُوتُ مَوْتًا - لِكَوْنِهِ عَلى فِراشِهِ -؛ وقَتْلًا - لِكَوْنِهِ بِالسُّمِّ -؛ قالَ: ﴿ماتَ﴾؛ أيْ: مَوْتًا عَلى الفِراشِ؛ ﴿أوْ قُتِلَ﴾؛ أيْ: قَتْلًا؛ ﴿انْقَلَبْتُمْ﴾؛ أيْ: عَنِ الحالِ الَّتِي فارَقَكم عَلَيْها؛ فَأضَعْتُمْ مَشاعِرَ الدِّينِ؛ وتَرَكْتُمْ مَشارِيعَ المُرْسَلِينَ؛ ثُمَّ قَرَّرَ المَعْنى بِقَوْلِهِ: ﴿عَلى أعْقابِكُمْ﴾؛ لِئَلّا يُظَنَّ أنَّ المُرادَ مُطْلَقُ الِانْتِقالِ؛ وإنْ كانَ عَلى الِاسْتِواءِ؛ والِانْتِقالِ إلى أحْسَنَ؛ ﴿ومَن﴾؛ أيْ: انْتَقَلْتُمْ والحالُ أنَّهُ مَن ﴿يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ﴾؛ أيْ: بِتَرْكِ ما شَرَعَهُ لَهُ نَبِيُّهُ؛ أوِ التَّقْصِيرِ فِيهِ؛ ﴿فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ﴾؛ أيْ: المُحِيطَ بِجَمِيعِ العَظَمَةِ؛ ﴿شَيْئًا﴾؛ لِأنَّهُ مُتَعالٍ عَنْ ذَلِكَ؛ بِأنَّ الخَلْقَ كُلَّهم طَوْعُ أمْرِهِ؛ لا يَتَحَرَّكُونَ حَرَكَةً إلّا عَلى وفْقِ مُرادِهِ؛ فَلَوْ أرادَ لَهَداهم أجْمَعِينَ؛ ولَوْ أرادَ أضَلَّهم أجْمَعِينَ؛ وإنَّما يَضُرُّ ذَلِكَ المُنْقَلِبُ نَفْسَهُ لِكُفْرِهِ بِاللَّهِ؛ وسَيَجْزِي اللَّهُ الشّاكِرِينَ؛ ومَن سارَ ثابِتًا عَلى المَنهَجِ السَّوِيِّ فَإنَّما يَنْفَعُ نَفْسَهُ؛ لِشُكْرِهِ لِلَّهِ؛ ﴿وسَيَجْزِي اللَّهُ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ جَمِيعُ صِفاتِ الكَمالِ؛ ﴿الشّاكِرِينَ﴾؛ أيْ: كُلَّهُمْ؛ فالآيَةُ مِنَ الِاحْتِباكِ: ”أثْبَتَ الِانْقِلابَ؛ وعَدَمَ الضُّرِّ أوَّلًا؛ دَلِيلًا عَلى حَذْفِ ضِدِّهِ ثانِيًا؛ والجَزاءَ ثانِيًا؛ دَلِيلًا عَلى حَذْفِ مِثْلِهِ أوَّلًا“.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب