الباحث القرآني

ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: ”بَلِ الأمْرُ لَهُ - سُبْحانَهُ - وحْدَهُ؛ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ - مُبَيِّنًا لِقُدْرَتِهِ عَلى ما قَدَّمَ مِن فِعْلِهِ بِهِمْ؛ عَلى وجْهٍ أعَمَّ -: ﴿ولِلَّهِ﴾؛ أيْ: المَلِكِ الأعْظَمِ؛ وحْدَهُ؛ ﴿ما في السَّماواتِ﴾؛ أيْ: كُلِّها؛ عَلى عِظَمِها؛ مِن عاقِلٍ؛ وغَيْرِهِ؛ وعَبَّرَ بِـ“ما”؛ لِأنَّ غَيْرَ العاقِلِ أكْثَرُ؛ وهي بِهِ أجْدَرُ؛ ﴿وما في الأرْضِ﴾؛ كَذَلِكَ؛ مِلْكًا ومُلْكًا؛ فَهو يَفْعَلُ في مِلْكِهِ ومُلْكِهِ ما يَشاءُ؛ وفي التَّعْبِيرِ بِـ“ما”؛ أيْضًا إشارَةٌ إلى أنَّ الكَفَرَةَ؛ الَّذِينَ السِّياقُ لَهُمْ؛ في عِدادِ ما لا يَعْقِلُ. (p-٦٢)ولَمّا كانَتِ الأقْسامُ كُلُّها راجِعَةً إلى قِسْمَيْنِ: عافِيَةٍ؛ وعَذابٍ؛ قالَ - مُتَرْجِمًا لِذَلِكَ؛ مُقَرِّرًا لِقَوْلِهِ: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ﴾ [آل عمران: ١٢٨] -: ﴿يَغْفِرُ لِمَن يَشاءُ﴾؛ أيْ: مِنهُمْ؛ ومِن غَيْرِهِمْ؛ فَيُعْطِيهِ ما يَشاءُ مِن خَيْرَيِ الدُّنْيا؛ والآخِرَةِ؛ ويُغْنِيهِ عَنِ الرِّبا؛ وغَيْرِهِ؛ ﴿ويُعَذِّبُ مَن يَشاءُ﴾؛ بِالمَنعِ عَمّا يُرِيدُ مِن خَيْرَيِ الدّارَيْنِ؛ لا اعْتِراضَ عَلَيْهِ؛ فَلَوْ عَذَّبَ الطّائِعَ؛ ونَعَّمَ العاصِي؛ لَحَسُنَ مِنهُ ذَلِكَ؛ ولا يَقْبُحُ مِنهُ شَيْءٌ؛ ولا اعْتِراضَ بِوَجْهٍ عَلَيْهِ؛ هَذا مَدْلُولُ الآيَةِ؛ وهو لا يَقْتَضِي أنَّهُ يَفْعَلُ؛ أوْ لا يَفْعَلُ. ولَمّا كانَ ﷺ لِشِدَّةِ غَيْظِهِ عَلَيْهِمْ في اللَّهِ جَدِيرًا بِالِانْتِقامِ مِنهُمْ؛ بِدُعاءٍ؛ أوْ غَيْرِهِ؛ أشارَ لَهُ - سُبْحانَهُ - إلى العَفْوِ؛ لِلْحَثِّ عَلى التَّخَلُّقِ بِأخْلاقِ اللَّهِ؛ الَّذِي سَبَقَتْ رَحْمَتُهُ غَضَبَهُ؛ بِقَوْلِهِ: ﴿واللَّهُ﴾؛ أيْ: المُخْتَصُّ بِالجَلالِ والإكْرامِ؛ ﴿غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾؛ أيْ: مَحّاءٌ لِلذُّنُوبِ؛ عَيْنًا وأثَرًا؛ مُكْرِمٌ بَعْدَ ذَلِكَ بِأنْواعِ الإكْرامِ؛ فانْطَبَقَ ذَلِكَ عَلى إيضاحِ: ﴿لَيْسَ لَكَ﴾ [آل عمران: ١٢٨]؛ وإفْهامِهِ المُوجِبِ لِاعْتِقادِ أنْ يَكُونَ لَهُ - سُبْحانَهُ وتَعالى - الأمْرُ (p-٦٣)وحْدَهُ. ولَمّا أنْزَلَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ وما في آخِرِ“النَّحْلِ"؛ مِمّا لِلصّابِرِينَ؛ والعافِينَ؛ حَرَّمَ المُثْلَةَ؛ واشْتَدَّ نَهْيُهُ ﷺ عَنْها؛ فَكانَ لا يَخْطُبُ خُطْبَةً إلّا مَنَعَ مِنها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب