الباحث القرآني

ولَمّا كانَ رُجُوعُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ المُنافِقِ - كَما يَأْتِي في صَرِيحِ الذِّكْرِ آخِرَ القِصَّةِ - مِنَ الأدِلَّةِ عَلى أنَّ المُنافِقِينَ؛ فَضْلًا عَنِ المُصارِحِينَ بِالمُصارَمَةِ؛ مُتَّصِفُونَ بِما أخْبَرَ اللَّهُ (تَعالى) عَنْهُمْ؛ مِنَ العَداوَةِ؛ والبَغْضاءِ؛ مَعَ أنَّهُ كانَ سَبَبًا في هَمِّ الطّائِفَتَيْنِ مِنَ الأنْصارِ بِالفَشَلِ؛ كانَ إيلاءُ هَذِهِ القِصَّةِ لِلنَّهْيِ عَنِ اتِّخاذِ بِطانَةِ السُّوءِ؛ الَّذِينَ لا يَقْصُرُونَ عَنْ فَسادٍ في غايَةِ المُناسَبَةِ؛ ولِذَلِكَ افْتَتَحَها - سُبْحانَهُ وتَعالى - بِقَوْلِهِ - مُبْدِلًا مِن: ”إذْ غَدَوْتَ“؛ دَلِيلًا عَلى ما قَبْلَهُ؛ مِن أنَّ بِطانَةَ السُّوءِ لا تَأْلُوهم خَبالًا؛ وغَيْرِ ذَلِكَ -: ﴿إذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ﴾؛ وكانا جَناحَيِ العَسْكَرِ؛ ﴿مِنكُمْ﴾؛ أيْ: بَنُو سَلَمَةَ؛ مِنَ الخَزْرَجِ؛ وبَنُو حارِثَةَ؛ مِنَ الأوْسِ؛ ﴿أنْ تَفْشَلا﴾؛ أيْ: تَكْسَلا؛ وتَراخَيا؛ وتَضْعُفا؛ وتَجْبُنا؛ لِرُجُوعِ المُنافِقِينَ عَنْ نَصْرِهِمْ ووِلايَتِهِمْ؛ فَتَرْجِعا كَما رَجَعَ المُنافِقُونَ؛ ﴿واللَّهُ﴾؛ أيْ: ”والحالُ أنَّ ذا الجَلالِ والإكْرامِ؛ ﴿ولِيُّهُما﴾؛ وناصِرُهُما؛ لِأنَّهُما مُؤْمِنَتانِ؛ فَلا يَتَأتّى وُقُوعُ الفَشَلِ وتَحَقُّقُهُ مِنهُما لِذَلِكَ؛ فَلْيَتَوَكَّلا عَلَيْهِ وحْدَهُ؛ لِإيمانِهِما“؛ (p-٤٩)أوْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ: ”فالعَجَبُ مِنهُما؛ كَيْفَ تَعْتَمِدانِ عَلى غَيْرِهِ - سُبْحانَهُ وتَعالى -؛ لِتَضْعُفا بِخِذْلانِهِ؟“؛ و؛ الحالُ أنَّهُ؛ عَلى اللَّهِ؛ أيْ: الَّذِي لَهُ الكَمالُ كُلُّهُ وحْدَهُ؛ ﴿فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ﴾؛ أيْ: الَّذِينَ صارَ الإيمانُ صِفَةً لَهم ثابِتَةً؛ أجْمَعُونَ؛ لِيَنْصُرَهُمْ؛ لا عَلى كَثْرَةِ عَدَدٍ؛ ولا قُوَّةِ جَلَدٍ؛ والأحْسَنُ تَنْزِيلُ الآيَةِ عَلى الِاحْتِباكِ؛ ويَكُونُ أصْلُ نَظْمِها: ”واللَّهُ ولِيُّهُما؛ لِتَوَكُّلِهِما؛ وإيمانِهِما؛ فَلَمْ يُمْكِنِ الفَشَلُ مِنهُما؛ فَتَوَلَّوُا اللَّهَ؛ وتَوَكَّلُوا عَلَيْهِ؛ لِيَصُونَكم مِنَ الوَهْنِ؛ وعَلى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ كُلُّهُمْ؛ لِيَفْعَلَ بِهِمْ ذَلِكَ“؛ فالأمْرُ بِالتَّوَكُّلِ ثانِيًا دالٌّ عَلى وُجُودِهِ أوَّلًا؛ وإثْباتُ الوِلايَةِ أوَّلًا دالٌّ عَلى الأمْرِ بِها ثانِيًا؛ وفي البُخارِيِّ؛ في التَّفْسِيرِ؛ عَنْ جابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قالَ: فِينا نَزَلَتْ: ﴿إذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنكم أنْ تَفْشَلا﴾؛ قالَ: نَحْنُ الطّائِفَتانِ: بَنُو حارِثَةَ؛ وبَنُو سَلَمَةَ؛ وما نُحِبُّ أنَّها لَمْ تَنْزِلْ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿واللَّهُ ولِيُّهُما﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب