الباحث القرآني

ولَمّا كانَ ما تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الآيَةُ مِنَ الإخْبارِ؛ ومِنَ الوَعْدِ؛ ومِنَ الوَعِيدِ؛ مَنطُوقًا؛ ومَفْهُومًا؛ مُحْتاجًا إلى الِاجْتِلاءِ في صُوَرِ الجُزْئِيّاتِ ذَكَّرَهم - سُبْحانَهُ وتَعالى - بِالوَقائِعِ الَّتِي شُوهِدَتْ فِيها أحْوالُهم مِنَ النَّصْرِ عِنْدَ العَمَلِ بِمَنطُوقِ الوَعْدِ؛ مِنَ الصَّبْرِ؛ والتَّقْوى؛ وعَدَمِهِ عِنْدَ العَمَلِ بِالمَفْهُومِ؛ وشُوهِدَتْ فِيها أحْوالُ عَدُوِّهِمْ مِنَ المَساءَةِ عِنْدَ السُّرُورِ؛ والسُّرُورِ عِنْدَ المَساءَةِ؛ وذَلِكَ غَنِيٌّ عَنْ دَلِيلٍ؛ لِكَوْنِهِ مِنَ المُشاهَداتِ؛ مُشِيرًا إلى ذَلِكَ بِواوِ العَطْفِ؛ عَلى غَيْرِ مَذْكُورٍ؛ مُخاطِبًا لِأعْظَمِ عِبادِهِ فِطْنَةً؛ وأقْرَبِهِمْ إلَيْهِ رُتْبَةً؛ تَهْيِيجًا لِغَيْرِهِ إلى تَدْقِيقِ النَّظَرِ؛ واتِّباعِ الدَّلِيلِ؛ مِن غَيْرِ أدْنى وُقُوفٍ مَعَ المَأْلُوفِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿وإذْ﴾؛ أيْ: ”اذْكُرْ ما يُصَدِّقُ ذَلِكَ مِن أحْوالِكُمُ الماضِيَةِ؛ حِينَ صَبَرْتُمْ؛ واتَّقَيْتُمْ (p-٤٢)فَنُصِرْتُمْ؛ وحِينَ ساءَهم نَصْرُكم في كُلِّ ذَلِكَ؛ في سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ إلى“نَخْلَةَ”؛ ثُمَّ في“بَدْرٍ”؛ ثُمَّ في غَزْوَةِ بَنِي قَيْنُقاعٍ“؛ ونَحْوِ ذَلِكَ؛ ”واذْكُرْ إذْ لَمْ يَصْبِرْ أصْحابُكَ؛ فَأُصِيبُوا؛ وإذْ سَرَّتْهم مُصِيبَتُكم في وقْعَةِ“أُحُدٍ”؛ إذْ ﴿غَدَوْتَ﴾؛ أيْ: يا خاتَمَ الأنْبِياءِ؛ وأكْرَمَ المُرْسَلِينَ؛ ﴿مِن أهْلِكَ﴾؛ أيْ: بِالمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ؛ صَبِيحَةَ يَوْمِ الجُمُعَةِ؛ إلى أصْحابِكَ في مَسْجِدِكَ؛ لِتَسْتَشِيرَهم في أمْرِ المُشْرِكِينَ؛ وقَدْ نَزَلُوا بِـ“أُحُدٍ”؛ في أواخِرِ يَوْمِ الأرْبِعاءِ؛ أوْ في يَوْمِ الخَمِيسِ؛ لِقِتالِكُمْ“؛ وبَنى مِن ”غَدَوْتَ“؛ حالًا؛ إعْلامًا بِأنَّ الشُّرُوعَ في السَّبَبِ؛ شُرُوعُ في مُسَبِّبِهِ؛ فَقالَ: ﴿تُبَوِّئُ﴾؛ أيْ: تُنْزِلُ؛ ﴿المُؤْمِنِينَ﴾؛ أيْ: صَبِيحَةَ يَوْمِ السَّبْتِ؛ وعَبَّرَ بِقَوْلِهِ: ﴿مَقاعِدَ﴾؛ إشارَةً إلى أنَّهُ ﷺ تَقَدَّمَ إلى كُلِّ أحَدٍ بِالثَّباتِ في مَرْكَزِهِ؛ وأوْعَزَ إلَيْهِ في ألّا يَفْعَلَ شَيْئًا إلّا بِأمْرِهِ؛ لا سِيَّما الرُّماةَ؛ ثُمَّ ذَكَرَ عِلَّةَ ذَلِكَ؛ فَقالَ: ﴿لِلْقِتالِ﴾ ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: ”وتَتَقَدَّمُ إلَيْهِمْ بِأبْلَغِ مَقالٍ في تَشْدِيدِ الأقْوالِ؛ والأفْعالِ“؛ أشارَ (تَعالى) إلى أنَّهُ وقَعَ في غُضُونِ ذَلِكَ مِنهُ؛ ومِنهم كَلامٌ (p-٤٣)كَثِيرٌ؛ خَفِيٌّ؛ وجَلِيٌّ؛ بِقَوْلِهِ: ﴿واللَّهُ﴾؛ أيْ: والحالُ أنَّ المَلِكَ الأعْظَمَ؛ الَّذِي أنْتُمْ في طاعَتِهِ؛ ﴿سَمِيعٌ﴾؛ أيْ: لِأقْوالِكُمْ؛ ﴿عَلِيمٌ﴾؛ أيْ: بِنِيّاتِكم في ذَلِكَ؛ وغَيْرِهِ؛ فاحْذَرُوهُ؛ ولَعَلَّهُ خَصَّ النَّبِيَّ ﷺ بِلَذِيذِ الخِطابِ في التَّذْكِيرِ؛ تَحْرِيضًا لَهُمْ؛ مَعَ ما تَقَدَّمَتِ الإشارَةُ إلَيْهِ؛ عَلى المُراقَبَةِ؛ تَعْرِيضًا لَهم بِأنَّهم خَفُّوا مَعَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ؛ أمْرَ بُعاثٍ؛ حَتّى تَواثَبُوا حِينَ تَغاضَبُوا إلى السِّلاحِ - كَما ذُكِرَ في سَبَبِ نُزُولِ قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ﴾ [آل عمران: ١٠٠] -؛ فَوَقَفُوا عَنْ نافِذِ الفَهْمِ؛ وصافِي الفِكْرِ؛ خِفَّةً إلى ما أرادَ بِهِمْ عَدُوُّهُمْ؛ فاقْتَضى هَذا التَّحْذِيرَ كُلَّهُ؛ ويُؤَيِّدُ ذَلِكَ إقْبالُهُ في الخِطابِ عَلَيْهِمْ؛ عِنْدَ نِسْبَةِ الفَشَلِ إلَيْهِمْ - كَما يَأْتِي قَرِيبًا -؛ ولَعَلَّهُ إنَّما خَصَّ هَذِهِ الغَزْوَةَ بِالذِّكْرِ؛ دُونَ ما ذَكَرْتُ؛ أنَّ واوَ عَطْفِها دَلَّتْ عَلَيْهِ مِمّا أُيِّدُوا فِيهِ بِالنَّصْرِ؛ لِأنَّ الشَّماتَةَ بِالمُصِيبَةِ أدَلُّ عَلى البَغْضاءِ؛ والعَداوَةِ؛ مِنَ الحُزْنِ بِما يَسُرُّ؛ ودَلَّ ذِكْرُها عَلى المَحْذُوفِ؛ لِأنَّ المُدَّعِيَ فِيما قَبْلَها شَيْئانِ: المَساءَةُ بِالحَسَنَةِ؛ (p-٤٤)والفَرَحُ والمَسَرَّةُ بِالمُصِيبَةِ؛ فَإذا بَرْهَنَ المُتَكَلِّمُ عَلى الثّانِي عُلِمَ - ولا بُدَّ - أنَّهُ حَذَفَ بُرْهانَ الأوَّلِ؛ وأنَّهُ إنَّما حَذَفَهُ - وهو حَكِيمٌ - لِنُكْتَةٍ؛ وهي هُنا عَدَمُ الِاحْتِياجِ إلى ذِكْرِهِ؛ لِوُضُوحِهِ بِدَلالَةِ السِّياقِ؛ مَعَ واوِ العَطْفِ عَلَيْهِ؛ وما تَقَدَّمَ مِن كَوْنِهِ غَيْرَ صَرِيحِ الدَّلالَةِ في أمْرِ البُغْضِ عَلى أنَّهُ (تَعالى) قَدْ ذَكَرَ ”بَدْرًا“ - كَما تَرى - بَعْدَ مُحْكَمَةٍ سَتُذْكَرُ؛ وأطْلَقَ - سُبْحانَهُ وتَعالى - كَما عَنِ الطَّبَرِيِّ؛ وغَيْرِهِ - التَّبَوُّءَ عَلى ابْتِداءِ القِتالِ بِالِاسْتِشارَةِ؛ «فَإنَّ الكُفّارَ لَمّا نَزَلُوا يَوْمَ الأرْبِعاءِ ثانِيَ عَشَرَ شَوّالٍ؛ سَنَةَ ثَلاثٍ مِنَ الهِجْرَةِ؛ في سَفْحِ ”أُحُدٍ“؛ مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَنْتَظِرُ فِيهِمْ ما يَأْتِيهِ مِنَ الوَحْيِ بَقِيَّةَ يَوْمِ الأرْبِعاءِ؛ ويَوْمَ الخَمِيسِ؛ ولَيْلَةَ الجُمُعَةِ؛ وباتَتْ وُجُوهُ الأنْصارِ في المَسْجِدِ بِبابِ النَّبِيِّ ﷺ يَحْرُسُونَهُ ﷺ؛ وحَرَسَتِ المَدِينَةَ الشَّرِيفَةَ؛ ثُمَّ دَعا النّاسَ صَبِيحَةَ يَوْمِ الجُمُعَةِ؛ فاسْتَشارَهم في أمْرِهِمْ؛ وأخْبَرَهم بِرُؤْياهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ: ”البَقَرِ المَذْبُوحَةُ؛ والثَّلْمِ في سَيْفِهِ؛ وإدْخالِ يَدِهِ في الدِّرْعِ الحَصِينَةِ“؛ وكانَ رَأْيُهُ مَعَ رَأْيِ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحابَةِ؛ المُكْثَ في المَدِينَةِ؛ فَإنْ قاتَلُوهم فِيها قاتَلَهُمُ الرِّجالُ مُواجَهَةً؛ والنِّساءُ والصِّبْيانُ مِن فَوْقِ الأسْطِحَةِ؛ وكانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ؛ المُنافِقُ؛ عَلى هَذا الرَّأْيِ؛ فَلَمْ يَزَلْ ناسٌ مِمَّنْ أكْرَمَهُمُ اللَّهُ (p-٤٥)بِالشَّهادَةِ - مِنهم أسَدُ اللَّهِ؛ وأسَدُ رَسُولِهِ؛ عَمُّهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ يُلِحُّونَ عَلَيْهِ ﷺ في الخُرُوجِ إلَيْهِمْ؛ حَتّى أجابَ؛ فَدَخَلَ بَيْتَهُ؛ ولَبِسَ لَأْمَتَهُ؛ بَعْدَ أنْ صَلّى الجُمُعَةَ؛ فَنَدِمُوا عَلى اسْتِكْراهِهِمْ لَهُ ﷺ؛ وهو يَأْتِيهِ الوَحْيُ؛ فَلَمّا خَرَجَ إلَيْهِمْ أخْبَرُوهُ؛ وسَألُوهُ في الإقامَةِ إنْ شاءَ؛ فَقالَ: ”ما كانَ يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إذا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أنْ يَضَعَها حَتّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ؛ وبَيْنَ عَدُوِّهِ“. وفِي رِوايَةٍ ”حَتّى يُلاقِيَ“؛ فَأتى الشَّيْخَيْنِ - وهُما أُطْمانِ - فَعَرَضَ بِهِما عَسْكَرَهُ؛ فَفَرَغَ مَعَ غِيابِ الشَّمْسِ؛ ورَآهُ المُشْرِكُونَ حِينَ نَزَلَ بِهِما؛ واسْتَعْمَلَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلى حَرَسِهِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ؛ واسْتَعْمَلَ المُشْرِكُونَ عَلى حَرَسِهِمْ عِكْرِمَةَ بْنَ أبِي جَهْلٍ؛ ثُمَّ أدْلَجَ مِن سَحَرِ لَيْلَةِ السَّبْتِ؛ ونَدَبَ الأدِلّاءَ لِيَسِيرُوا أمامَهُ؛ وحانَتْ صَلاةُ الصُّبْحِ في الشَّوْطِ؛ وهم بِحَيْثُ يَرَوْنَ المُشْرِكِينَ؛ فَأمَرَ بِلالًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأذَّنَ وأقامَ؛ وصَلّى بِأصْحابِهِ ﷺ الصُّبْحَ صُفُوفًا؛ فانْخَذَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ بِثُلُثِ العَسْكَرِ؛ فَرَجَعَ؛ وقالَ: أطاعَ الوِلْدانَ؛ ومَن لا رَأْيَ لَهُ؛ وعَصانِي؛ وما نَدْرِي عَلامَ نَقْتُلُ أنْفُسَنا؟! وتَبِعَهم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو (p-٤٦)بْنِ حَرامٍ؛ أبُو جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ» - أحَدِ بَنِي سَلَمَةَ؛ وأحَدِ مَنِ اسْتُشْهِدَ في ذَلِكَ اليَوْمِ - وكَلَّمَهُ عَبْدُ اللَّهِ قَبْلًا؛ يُناشِدُهُمُ اللَّهَ في الرُّجُوعِ؛ فَلَمْ يَرْجِعُوا؛ فَقالَ: أبْعَدَكُمُ اللَّهُ؛ سَيُغْنِي اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ عَنْكُمْ؛ ورَجَعَ؛ فَوافَقَ النَّبِيَّ ﷺ يَصُفُّ أصْحابَهُ؛ وكادَتْ طائِفَتانِ مِنَ الباقِينَ - وهُما بَنُو سَلَمَةَ؛ عَشِيرَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو؛ وبَنُو حارِثَةَ - أنْ تَفْشَلا؛ لِرُجُوعِ المُنافِقِينَ؛ ثُمَّ ثَبَّتَهُمُ اللَّهُ (تَعالى)؛ ونَزَلَ ﷺ الشِّعْبَ مِن ”أُحُدٍ“؛ فَجَعَلَ ظَهْرَهُ وعَسْكَرَهُ إلى ”أُحُدٍ“؛ وعَبَّأ أصْحابُهُ؛ وقالَ: ”لا يُقاتِلَنَّ أحَدٌ حَتّى نَأْمُرَهُ“؛ وعَيَّنَ طائِفَةً مِنَ الرُّماةِ؛ وأنْزَلَهم بِـ ”عَيْنَيْنِ“ - جُبَيْلٍ هُناكَ مِن ورائِهِمْ -؛ وأوْعَزَ إلَيْهِمْ في ألّا يَتَغَيَّرُوا مِنهُ حَتّى يَأْمُرَهُمْ؛ إنْ كانَتْ لَهُ؛ أوْ عَلَيْهِ؛ حَتّى قالَ لَهُمْ: ”إنْ رَأيْتُمُونا تَخْطَفُنا الطَّيْرُ فَلا تُعِينُونا؛ وإنْ رَأيْتُمُونا هَزَمْناهم فَلا تُشْرِكُونا في الغَنِيمَةِ؛ وانْضَحُوا الخَيْلَ عَنّا إذا أتَتْ مِن ورائِنا“؛ وبَرَزَ (p-٤٧)صاحِبُ لِواءِ المُشْرِكِينَ؛ وطَلَبَ المُبارَزَةَ؛ فَبَرَزَ إلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ؛ فَقَتَلَهُ المُسْلِمُ؛ فَحَمَلَهُ آخَرُ؛ وبَرَزَ فَقُتِلَ؛ وفَعَلُوا ذَلِكَ واحِدًا بَعْدَ واحِدٍ؛ حَتّى تَمُّوا عَشْرَةً؛ كُلُّهم يُقْتَلُ؛ فَلَمّا انْكَسَرَتْ قُلُوبُ المُشْرِكِينَ بِتَوالِي القَتْلِ في أصْحابِ اللِّواءِ؛ أمَرَ النَّبِيُّ ﷺ أصْحابَهُ؛ فَشَدُّوا؛ فَهَزَمُوا المُشْرِكِينَ؛ وخَلَّوْا عَسْكَرَهُمْ؛ ونِساءَهُمْ؛ وكانَ الخَيْلُ كُلَّما أتَتْ مِن وراءِ المُسْلِمِينَ نَضَحَهُمُ الرُّماةُ بِالنِّبْلِ؛ فَرَجَعُوا؛ فَلَمّا وقَعَ الصَّحابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - في نَهْبِ العَسْكَرِ؛ خَلّى الرُّماةُ ثَغْرَهُمْ؛ فَنَهاهم أمِيرُهُمْ؛ وحَذَّرَهم مُخالَفَةَ أمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ فَلَمْ يُطِعْهُ مِنهم إلّا نَحْوُ العَشْرَةِ؛ فَأتى أصْحابُ الخَيْلِ؛ فَقَتَلُوا مَن بَقِيَ مِنَ الرُّماةِ؛ ثُمَّ أتَوُا الصَّحابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - مِن ورائِهِمْ؛ وهم يَنْتَهِبُونَ؛ فَأسْرَعُوا فِيهِمُ القَتْلَ؛ ونادى إبْلِيسُ: إنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ؛ فانْهَزَمَ الصَّحابَةُ - رِضْوانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -؛ ولَمْ يَثْبُتْ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ مِنهم إلّا قَلِيلٌ؛ ما بَيْنَ العَشَرَةِ إلى الثَّلاثِينَ - عَلى اخْتِلافِ الأقْوالِ؛ فاسْتَمَرَّ يُحاوِلُ بِهِمُ العَدُوُّ؛ واللَّهُ (تَعالى) يَحْفَظُهُ؛ ويُدافِعُ عَنْهُ؛ حَتّى دَنَتِ الشَّمْسُ لِلْمَغْرِبِ؛ وصَرَفَ اللَّهُ العَدُوَّ؛ فَدَفَنَ النَّبِيُّ ﷺ الشُّهَداءُ؛ وصَفَّ أصْحابَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - فَأثْنى عَلى اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - ثَناءً عَظِيمًا؛ ذَكَرَ فِيهِ فَضْلَهُ - سُبْحانَهُ - وعَدْلَهُ؛ وأنَّ المُلْكَ مُلْكُهُ؛ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ يَشاءُ؛ ورَجَعَ إلى المَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ؛ وقَدْ أصابَتْهُ الجِراحَةُ في (p-٤٨)مَواضِعَ مِن وجْهِهِ - بِنَفْسِي هُوَ؛ وأبِي وأُمِّي؛ ووَجْهِي؛ وعَيْنَيَّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب