الباحث القرآني

ولَمّا رَغَّبَهم في الإنْفاقِ بِما يَشْمَلُ كُلَّ خَيْرٍ؛ وأخْبَرَهم بِأنَّهُ عالِمٌ بِدِقِّهِ؛ وجُلِّهِ؛ وأخْبَرَ أنَّ ذَلِكَ كانَ دَأْبَ إسْرائِيلَ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ -؛ عَلى وجْهٍ أنْتَجَ أنَّ بَنِيهِ كاذِبُونَ في ادِّعائِهِمْ أنَّهم عَلى مِلَّةِ جَدِّهِ إبْراهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ -؛ ثُمَّ حَذَّرَ مِنهُمْ؛ وخَتَمَ ما خَتَمَهُ بِالمُتَّقِينَ؛ بِالتَّرْغِيبِ في الخَيْرِ؛ بِما انْدَرَجَ فِيهِ الإنْفاقُ الَّذِي قَدَّمَ أوَّلَ السُّورَةِ أنَّهُ مِن صِفَةِ المُتَّقِينَ المُسْتَغْفِرِينَ بِالأسْحارِ الَّتِي هي أشْرَفُ آناءِ اللَّيْلِ؛ وكانَ مِمّا يَمْنَعُ مِنهُ خَوْفُ الفَقْرِ؛ والنُّزُولِ عَنْ حالِ المُوسِرِينَ مِنَ الكُفّارِ المُفاخِرِينَ بِالإكْثارِ؛ المُعَيَّرِينَ بِالإقْلالِ مِنَ المالِ؛ والوَلَدِ؛ وُقُوفًا مَعَ الحالِ الدُّنْيَوِيِّ؛ وكانَ قَدْ أخْبَرَ أنَّهُ لا يَقْبَلُ مِن أحَدٍ مِنهم في الآخِرَةِ مِلْءَ الأرْضِ ذَهَبًا؛ أعْقَبَ هَذا بِمِثْلِ ذَلِكَ؛ عَلى وجْهٍ أعَمَّ؛ فَقالَ - واصِفًا أضْدادَ مَن تَقَدَّمَ؛ نافِيًا ما يَعْتَقِدُونَ مِن أنَّ أعْمالَهُمُ الصُّورِيَّةَ تَنْفَعُهم -: ﴿إنَّ الَّذِينَ (p-٣٥)كَفَرُوا﴾؛ أيْ: بِاللَّهِ؛ بِالمَيْلِ عَنِ المَنهَجِ القَوِيمِ؛ وإنِ ادَّعَوُا الإيمانَ بِهِ نِفاقًا؛ أوْ غَيْرَهُ؛ ﴿لَنْ تُغْنِيَ عَنْهم أمْوالُهُمْ﴾؛ أيْ: وإنْ كَثُرَتْ؛ ﴿ولا أوْلادُهُمْ﴾؛ وإنْ عَظُمَتْ؛ ﴿مِنَ اللَّهِ﴾؛ أيْ: المَلِكِ الَّذِي لا كُفُؤَ لَهُ؛ ﴿شَيْئًا﴾؛ أيْ: مِنَ الإغْناءِ؛ تَأْكِيدًا لِما قَرَّرَ مِن عَدَمِ نُصْرَةِ أهْلِ الكِتابِ؛ الَّذِينَ حَمَلَهم عَلى إيثارِ الكُفْرِ عَلى الإيمانِ اسْتِجْلابُ الأمْوالِ؛ والرِّئاسَةُ عَلى الأتْباعِ؛ عَلى وجْهٍ يَعُمُّ جَمِيعَ الكُفّارِ - كَما قالَ في أوَّلِ السُّورَةِ - سَواءً. ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: ”فَأُولَئِكَ هُمُ الخاسِرُونَ“؛ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿وأُولَئِكَ أصْحابُ النّارِ﴾؛ أيْ: هم مُخْتَصُّونَ بِها؛ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ ما يُفِيدُ مُلازَمَتَها؛ فَقالَ: ﴿هم فِيها خالِدُونَ﴾؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب