الباحث القرآني

ولَمّا كانَتْ مُخالَفَةُ الأكْثَرِ قاصِمَةً خَفَّفَ عَنْ أوْلِيائِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ﴾؛ ولَمّا كانَ الضُّرُّ - كَما تَقَدَّمَ عَنِ الحَرالِّيِّ - إيلامَ الجِسْمِ؛ وما يَتْبَعُهُ مِنَ الحَواسِّ؛ والأذى إيلامَ النَّفْسِ؛ وما يَتْبَعُها مِنَ الأحْوالِ؛ أطْلَقَ الضُّرَّ هُنا عَلى جُزْءِ مَعْناهُ؛ وهو مُطْلَقُ الإيلامِ؛ ثُمَّ اسْتَثْنى مِنهُ؛ فَقالَ: ﴿إلا أذًى﴾؛ أيْ: بِألْسِنَتِهِمْ؛ وعَبَّرَ بِذَلِكَ لِتَصْوِيرِ مَفْهُومَيِ الأذى؛ والضُّرِّ؛ لِيُسْتَحْضَرَ في الذِّهْنِ؛ فَيَكُونَ الِاسْتِثْناءُ أدَلَّ عَلى نَفْيِ وُصُولِهِمْ إلى المُواجَهَةِ؛ ﴿وإنْ يُقاتِلُوكُمْ﴾؛ أيْ: يَوْمًا مِنَ الأيّامِ؛ ﴿يُوَلُّوكُمُ﴾ (p-٢٨)صَرَّحَ بِضَمِيرِ المُخاطَبِينَ نَصًّا في المَطْلُوبِ؛ ﴿الأدْبارَ﴾؛ أيْ: انْهِزامًا؛ ذُلًّا؛ وجُبْنًا. ولَمّا كانَ المَوْلى قَدْ تَعُودُ لَهُ كَرَّةٌ بَعْدَ فَرَّةٍ؛ قالَ - عادِلًا عَنْ حُكْمِ الجَزاءِ؛ لِئَلّا يُفْهَمَ التَّقْيِيدُ بِالشَّرْطِ؛ مُشِيرًا بِحَرْفِ التَّراخِي إلى عَظِيمِ رُتْبَةِ خِذْلانِهِمْ -: ﴿ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ﴾؛ أيْ: لا يَكُونُ لَهم ناصِرٌ مِن غَيْرِهِمْ أبَدًا؛ وإنْ طالَ المَدى؛ فَلا تَهْتَمُّوا بِهِمْ؛ ولا بِأحَدٍ يُمالِئُهم مِنَ المُنافِقِينَ؛ وقَدْ صَدَقَ اللَّهُ؛ ومَن أصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا؟! لَمْ يُقاتِلُوا في مَوْطِنٍ إلّا كانُوا كَذَلِكَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب