الباحث القرآني

ولَمّا حَثَّ عَلى العَمَلِ، بَيَّنَ أنَّهُ لَيْسَ إلّا لِنَفْعِ العامِلِ، لِئَلّا يَخْطُرَ في خاطِرٍ ما يُوجِبُ تَعَبَ الدُّنْيا وشَقاءَ الآخِرَةِ مِنِ اعْتِقادِ ما لا يَلِيقُ بِجَلالِهِ تَعالى، فَقالَ عاطِفًا عَلى ما تَقْدِيرُهُ: فَمَن أراحَ نَفْسَهُ في الدُّنْيا فَإنَّما (p-٣٩٤)ضَرَّ نَفْسَهُ: ﴿ومَن جاهَدَ﴾ أيْ: بَذَلَ جُهْدَهُ حَتّى كَأنَّهُ يُسابِقُ آخَرَ في الأعْمالِ الصّالِحَةِ ﴿فَإنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ﴾ لِأنَّ نَفْعَ ذَلِكَ لَهُ فَيُتْعِبُها لِيُرِيحَها، ويُشْقِيها لِيُسْعِدَها، ويُمِيتُها لِيُحْيِيَها، وعَبَّرَ بِالنَّفْسِ لِأنَّها الأمارَةُ بِالسُّوءِ، وإنَّما طَوى ما أُدْعى تَقْدِيرُهُ لِأنَّ السِّياقَ لِلْمُجاهَدَةِ، ثُمَّ عَلَّلَ هَذا الحَصْرَ بِقَوْلِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ﴾ أيْ: المُتَعالِي عَنْ كُلِّ شائِبَةِ نَقْصٍ ﴿لَغَنِيٌّ﴾ وأكَّدَ لِأنَّ كَثْرَةَ الأوامِرِ رُبَّما أوْجَبَتْ لِلْجاهِلِ ظَنَّ الحاجَةِ، وذَلِكَ نُكْتَةُ الإتْيانِ بِالِاسْمِ الأعْظَمِ، وبَيَّنَ أنَّ غِناهُ الغِنى المُطْلَقُ بِقَوْلِهِ مَوْضِعَ ”عَنْهُ“، ﴿عَنِ العالَمِينَ﴾ فَلا تَنْفَعُهُ طاعَةٌ ولا تَضُرُّهُ مَعْصِيَةٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب