الباحث القرآني

ولِكَوْنِ شَيْءٍ مِنهُ لَمْ يَغْنِ عَنْ أحَدٍ مِنهم شَيْئًا فَلَمْ تَخْتَلَّ سُنَّةُ اللَّهِ في أوْلِيائِهِ وأعْدائِهِ في قَرْنٍ مِنَ القُرُونِ [ولا عَصْرٍ مِنَ العُصُورِ، ] بَلْ جَرَتْ عَلى أقْوَمِ نِظامٍ، وأتْقَنِ إحْكامٍ، وصَلَ بِذَلِكَ قَوْلَهُ تَعالى عَلى وجْهِ الِاسْتِنْساجِ: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ﴾ . ولَمّا كانَ دُعاءُ غَيْرِ اللَّهِ مُخالِفًا لِقَوِيمِ العَقْلِ، وصَرِيحِ النَّقْلِ، وسَلِيمِ الفِطْرَةِ [وصَحِيحِ الفِكْرَةِ] فَكانَ ذَلِكَ يَحْتاجُ إلى [تَدَرُّبٍ إلى] الجَلافَةِ، وتَطَبُّعٍ في الكَثافَةِ، قالَ: ﴿اتَّخَذُوا﴾ أيْ: اتَكَلُّوا أنْ أخَذُوا. ولَمّا كانَتِ الرُّتَبُ تَحْتَ رُتْبَتِهِ سُبْحانَهُ لا تُحْصى، وكُلُّ الرُّتَبِ دُونَ رُتْبَتِهِ، قالَ [مُنَبِّهًا عَلى ذَلِكَ بِالجارِّ]: ﴿مِن دُونِ اللَّهِ﴾ أيْ: الَّذِي لا كُفُؤَ لَهُ، فَرَضُوا بِالدُّونِ، عِوَضًا عَمَّنْ لا تَكْفِيهِ الأوْهامُ والظُّنُونُ ﴿أوْلِياءَ﴾ (p-٤٤٢)يَنْصُرُونَهم بِزَعْمِهِمْ مِن مَعْبُوداتٍ وغَيْرِها، في الضَّعْفِ والوَهْيِ ﴿كَمَثَلِ العَنْكَبُوتِ﴾ الدّابَّةِ المَعْرُوفَةِ ذاتِ الأرْجُلِ الكَثِيرَةِ الطِّوالِ؛ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ ذِكْرَ وجْهِ الشَّبَهِ وعَبَّرَ عَنْها بِالتَّأْنِيثِ وإنْ كانَتْ تُقالُ بِالتَّذْكِيرِ تَعْظِيمًا لِضَعْفِها، لِأنَّ المَقامَ لِضَعْفِ ما تَبْنِيهِ فَقالَ: ﴿اتَّخَذَتْ بَيْتًا﴾ أيْ: تَكَلَّفَتْ أخْذَهُ في صَنْعَتِها لَهُ لِيَقِيَها الرَّدى، ويَحْمِيَها البِلا، كَما تَكَلَّفَ هَؤُلاءِ اصْطِناعَ أرْبابِهِمْ لِيَنْفَعُوهم، ويَحْفَظُوهم بِزَعْمِهِمْ ويَرْفَعُوهم، فَكانَ ذَلِكَ البَيْتُ مَعَ تَكَلُّفِها في أمْرِهِ، وتَعَبِها الشَّدِيدِ في شَأْنِهِ، في غايَةِ الوَهَنِ. ولَمّا كانَ حالُها في صُنْعِها حالَ مَن يُنْكِرُ وهَنَهُ، قالَ مُؤَكِّدًا: ﴿وإنَّ﴾ [و] واوُهُ لِلْحالِ مِن ضَمِيرِ - ﴿اتَّخَذَتْ﴾ أيْ: والحالُ أنَّهُ أوْهَنُ - هَكَذا كانَ الأصْلُ، ولَكِنَّهُ أظْهَرَ لِلتَّعْمِيمِ فَقالَ: ﴿أوْهَنَ البُيُوتِ﴾ أيْ: أضْعَفَها ﴿لَبَيْتُ العَنْكَبُوتِ﴾ الَّتِي عانَتْ في حَوْكِهِ ما عانَتْ وقاسَتْ في نَسْجِهِ ما قاسَتْ، لِأنَّهُ لا يُكِنُّ مِن حَرٍّ، ولا يَصُونُ مِن بَرْدٍ، ولا يُحَصِّنُ عَنْ طالِبٍ، كَذَلِكَ ما اتَّخَذَ هَؤُلاءِ مِن هَذِهِ الأوْثانِ، وهَذا الدِّينُ الَّذِي لا أصْلَ لَهُ فَهو أوْهَنُ (p-٤٤٣)الأدْيانِ وأهْوَنُها ﴿لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾ أيْ: لَوْ كانَ لَهم نَوْعٌ ما مِنَ العِلْمِ لانْتَفَعُوا بِهِ فَعَلِمُوا أنَّ هَذا مَثَلُهم، فَأبْعَدُوا عَنِ اعْتِقادِ ما هَذا مَثَلُهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب