الباحث القرآني
ولَمّا خَتَمَ سُبْحانَهُ هَذِهِ الجُمْلَةَ الِاعْتِراضِيَّةَ بِما ابْتَدَأها بِهِ وبِما خَتَمَ بِهِ ما قَبْلَها مِن كَلامِ الخَلِيلِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وزادَ هَذا ما تَرى مِنَ التَّهْدِيدِ الشَّدِيدِ، شَرَعَ في إكْمالِ قِصَّتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ دالًّا عَلى أنَّهُ لا أحَدَ يُعْجِزُهُ، ولا يَقْدِرُ عَلى نَصْرِ أحَدٍ مِن عَذابِهِ الألِيمِ، مُشِيرًا إلى أنَّهم سَبَّبُوا عَنْ قَوْلِهِ ضِدَّ ما يَقْتَضِيهِ إيذانًا بِالعِنادِ، والإصْرارِ عَلى سُوءِ الِاعْتِقادِ، فَقالَ: ﴿فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ﴾ أيْ: الَّذِينَ يُرْجى قَبُولُهم (p-٤٢١)لِنُصْحِهِ عِلْمًا مِنهم بِوُفُورِ شَفَقَتِهِ وعِظَمِ أمانَتِهِ ونَصِيحَتِهِ ﴿إلا أنْ قالُوا﴾ بِأعْظَمِ فَظاظَةٍ ﴿اقْتُلُوهُ﴾ أيْ: بِالسَّيْفِ ﴿أوْ حَرِّقُوهُ﴾ أيْ: بِالنّارِ.
ولَمّا اسْتَقَرَّ رَأْيُ الجَمِيعِ عَلى هَذا الثّانِي، ولَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِمْ نَصِيرٌ، أشارَ إلَيْهِ سُبْحانَهُ بِقَوْلِهِ ناسِقًا لَهُ عَلى ما تَقْدِيرُهُ: [فَأبى المُعَظِّمُ القَتْلَ لِأنَّهُ عَذابٌ مَأْلُوفٌ لِمَن يَسْتَحِقُّهُ مِنَ المُجْرِمِينَ، وهو قَدْ عَمِلَ عَمْلَةً مُفْرَدَةً في الدَّهْرِ فالَّذِي يَنْبَغِي أنْ يَخُصَّ العَذابَ عَلَيْها بِعَذابٍ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ وهو الإحْراقُ عَلى هَيْئَةٍ غَرِيبَةٍ، فَرَجَعُوا عَنِ القَتْلِ واسْتَقَرَّ رَأْيُهم عَلى الإحْراقِ] فَجَمَعُوا لَهُ حَطَبًا إلى أنْ مَلَأ ما بَيْنَ الجِبالِ، وأضْرَمُوا فِيهِ النّارَ حَتّى أحْرَقَتْ ما دَنا مِنها بِعَظِيمِ الِاشْتِعالِ، وقَذَفُوهُ فِيها بِالمَنجَنِيقِ ﴿فَأنْجاهُ اللَّهُ﴾ بِما لَهُ مِن كَمالِ العَظَمَةِ إنْجاءً وحِيًّا مِن غَيْرِ احْتِياجٍ إلى تَدْرِيجٍ ﴿مِنَ النّارِ﴾ أيْ: مِن إحْراقِها وأذاها، ونَفَعَتْهُ بِأنْ أحْرَقَتْ وِثاقَهُ.
ولَمّا اشْتَمَلَتْ قِصَّتُهُ بِهَذا السِّياقِ عَلى دَلائِلَ واضِحاتٍ، وأُمُورٍ مُعْجِزاتٍ، عَظَّمَ أمْرَها سُبْحانَهُ بِقَوْلِهِ مُؤَكِّدًا لِمَزِيدِ التَّنْوِيهِ بِذِكْرِها، وتَنْزِيلًا في تَوَقُّفِهِمْ عَمّا دَعَتْ إلَيْهِ الآياتُ الظّاهِرَةُ مِنَ الإيمانِ مَنزِلَةَ المُنْكِرِ لَها: ﴿إنَّ في ذَلِكَ﴾ أيْ: ما ذَكَرَ مِن أمْرِهِ وما خُلِّلَتْ بِهِ قِصَّتُهُ مِنَ الحِكَمِ ﴿لآياتٍ﴾ أيْ: بَراهِينَ قاطِعَةً في الدَّلالَةِ عَلى جَمِيعِ أمْرِ اللَّهِ مِن تَصَرُّفِهِ في الأعْيانِ والمَعانِي، لِكَوْنِ النّارِ لَمْ تَحْرِقْهُ وأحْرَقَتْ وِثاقَهُ وكُلَّ ما (p-٤٢٢)مَرَّ عَلَيْها مِن طائِرٍ، ومَعَ رُؤْيَةِ ذَلِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا ولَمْ يَقْدِرُوا عَلى ضَرَرِهِ بِشَيْءٍ غَيْرِ ذَلِكَ.
ولَمّا كانَ ما لِلشَّيْءِ إنَّما هو في الحَقِيقَةِ ما يَنْفَعُهُ، وكانَ قَدْ حَجَبَها سُبْحانَهُ بِالشَّهَواتِ والحُظُوظِ الشّاغِلَةِ عَنِ اسْتِعْمالِ نُورِ العَقْلِ، قالَ: ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ أيْ: يُقْبِلُونَ عَلى اسْتِعْمالِ نُورِ العَقْلِ الَّذِي وهَبَهُمُوهُ اللَّهُ فَيُصَدِّقُونَ بِالغَيْبِ حَتّى صارَ الإيمانُ -بِكَثْرَةٍ ما صَقَلُوا مُرائِيَ قُلُوبِهِمْ بِالنَّظَرِ في أسْبابِهِ - لَهم خَلْقًا بِحَيْثُ إنَّهم في كُلِّ لَحْظَةٍ يُجَدِّدُونَ التَّرَقِّيَ في مَراتِبِهِ، والتَّنَقُّلِ في أخْبِيَتِهِ ومَضارِبِهِ.
{"ayah":"فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦۤ إِلَّاۤ أَن قَالُوا۟ ٱقۡتُلُوهُ أَوۡ حَرِّقُوهُ فَأَنجَىٰهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّارِۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











